الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وعهدنا" ؛ وأمرنا ، كما : -

2007 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما عهده ؟ قال : أمره .

2008 - حدثني يونس قال : أخبرني ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "وعهدنا إلى إبراهيم" قال : أمرناه .

فمعنى الآية : وأمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيتي للطائفين . "والتطهير" الذي أمرهما الله به في البيت ، هو تطهيره من الأصنام ، وعبادة الأوثان فيه ، ومن الشرك بالله . [ ص: 39 ]

فإن قال قائل : وما معنى قوله : "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين" ؟ وهل كان أيام إبراهيم - قبل بنائه البيت - بيت يطهر من الشرك وعبادة الأوثان في الحرم ، فيجوز أن يكونا أمرا بتطهيره ؟

قيل : لذلك وجهان من التأويل ، قد قال بكل واحد من الوجهين جماعة من أهل التأويل .

أحدهما : أن يكون معناه : وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن ابنيا بيتي مطهرا من الشرك والريب كما قال تعالى ذكره : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار ) ، [ سورة التوبة : 109 ] ، فكذلك قوله : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، أي ابنيا بيتي على طهر من الشرك بي والريب ، كما : -

2009 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، يقول : ابنيا بيتي [ للطائفين ] .

فهذا أحد وجهيه .

والوجه الآخر منهما : أن يكونا أمرا بأن يطهرا مكان البيت قبل بنيانه ، والبيت بعد بنيانه ، مما كان أهل الشرك بالله يجعلونه فيه - على عهد نوح ومن قبله - من الأوثان ، ليكون ذلك سنة لمن بعدهما ، إذ كان الله تعالى ذكره قد جعل إبراهيم إماما يقتدي به من بعده ، كما : -

2010 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : [ ص: 40 ] "أن طهرا" قال : من الأصنام التي يعبدون ، التي كان المشركون يعظمونها .

2011 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير : " أن طهرا بيتي للطائفين " قال : من الأوثان والريب .

2012 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، مثله .

2013 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : من الشرك .

2014 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا أبو إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن مجاهد : "طهرا بيتي للطائفين" قال : من الأوثان .

2015 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "طهرا بيتي للطائفين" قال : من الشرك وعبادة الأوثان .

2016 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، بمثله - وزاد فيه : وقول الزور .

التالي السابق


الخدمات العلمية