الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال فاخرج منها والفاء لترتيب الأمر على ما ظهر من اللعين من المخالفة للأمر الجليل وتعليلها بأظهر الأباطيل، أي فاخرج من الجنة، والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أنه كان في عدن لا في جنة الخلد، ثم إنه يكفي في صحة الأمر كونه ممن اتخذ الجنة وطنا ومسكنا، ولا تتوقف على كونه فيها بالفعل وقت الخطاب كما هو شائع في المحاورات، يقول من يخاصم صاحبه في السوق، أو غيره في دار: اخرج من الدار، مع أنه وقت المخاصمة ليس فيها بالفعل، وهذا إن قيل: إن المحاورة لم تكن في الجنة، وقيل: منها أي من زمرة الملائكة المعززين، وهو المراد بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قيل، فإن وسوسته لآدم - عليه السلام - كانت بعد هذا الطرد، وكانت على ما روي عن الحس بطريق النداء من باب الجنة، على أن كثيرا من العلماء أنكروا الهبوط من السماء بالكلية، بناء على أن الجنة التي أسكنها آدم - عليه السلام - كانت في الأرض، وقيل: اخرج من الخلقة التي أنت فيها، وانسلخ منها، والأمر للتكوين، وكان عليه اللعنة يفتخر [ ص: 228 ] بخلقته، فغير الله تعالى خلقته فاسود بعد ما كان أبيض، وقبح بعد ما كان حسنا، وأظلم بعد ما كان نورانيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فإنك رجيم تعليل للأمر بالخروج، أي مطرود من كل خير وكرامة، فالرجم كناية عن الطرد، لأن المطرود يرجم بالحجارة، أو شيطان يرجم بالشهب كذا قالوا، وقد يقال: المراد برجيم ذليل، فإن الرجم يستدعي الذلة، وهو أبعد من توهم التكرار مع الجملة بعد من الوجه الأول، وأوفق لما في الأعراف من قوله تعالى: فاخرج إنك من الصاغرين

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية