الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      فيمن أكل في رمضان ناسيا قلت : أرأيت من أكل أو شرب أو جامع امرأته في رمضان ناسيا ، أعليه القضاء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ولا كفارة عليه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت من أكل أو شرب أو جامع امرأته في رمضان ناسيا فظن أن ذلك يفسد عليه صومه ، فأفطر متعمدا لهذا الظن بعدما أكل ناسيا أيكون عليه الكفارة في قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : لا كفارة عليه وعليه القضاء ، وذلك أني سمعت مالكا وسئل عن امرأة رأت الطهر ليلا في رمضان فلم تغتسل حتى أصبحت ، فظنت أن من لم يغتسل قبل طلوع الفجر فلا صوم له فأكلت ، فقال : ليس عليها إلا القضاء . قال : وسمعت مالكا وسأله رجل عن رجل كان في سفر فدخل إلى أهله ليلا فظن أنه من لم يدخل في نهار قبل أن يمسي أنه لا يجزئه صومه وأن له أن يفطر فأفطر ؟ فقال مالك : عليه القضاء ولا كفارة عليه .

                                                                                                                                                                                      قال : وسئل مالك عن عبد بعثه سيده يرعى إبلا له أو غنما ، فخرج يمشي على مسيرة ميلين أو ثلاثة يرعى فظن أن ذلك سفر وذلك في رمضان فأفطر ؟ فقال : ليس عليه إلا القضاء ولا كفارة عليه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وكل ما رأيت مالكا يسأل عنه من هذه الوجوه على التأويل ، فلم أره يجعل فيه الكفارة إلا امرأة ظنت ، فقالت : حيضتي اليوم وكان ذلك أيام حيضتها فأفطرت في أول نهارها وحاضت في آخره ، فقال : عليها القضاء والكفارة .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ولو أن رجلا أكل في أول النهار من رمضان ثم مرض في آخره مرضا لا يستطيع الصوم معه ، لكان عليه القضاء والكفارة جميعا .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت من أصبح في رمضان صائما فأكل ناسيا أو شرب ناسيا أو جامع ناسيا فظن أن ذلك يفسد صومه فأكل متعمدا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في الحائض إذا طهرت من الليل ولم تغتسل إلا بعد الفجر فظنت أن ذلك لا يجزئ عنها فأفطرت : أنه لا كفارة عليها . قال : وسئل مالك عن رجل قدم في الليل من سفره فظن عليه أنه من لم يقدم [ ص: 278 ] نهارا قبل الليل أن الصيام لا يجزئه فأفطر ذلك اليوم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سمعت مالكا يقول : ليس عليه إلا قضاء ذلك اليوم ، قال والذي سألت عنه يشبه هذا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية