الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 40 ] ( باب الحقوق )

( ومن اشترى منزلا فوقه منزل فليس له الأعلى إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير هو فيه أو منه . ومن اشترى بيتا فوقه بيت بكل حق لم يكن له الأعلى ، ومن اشترى دارا بحدودها فله العلو والكنيف ) جمع بين المنزل والبيت والدار ، فاسم الدار ينتظم العلو لأنه اسم لما أدير عليه الحدود ، والعلو من توابع الأصل وأجزائه فيدخل فيه . والبيت اسم لما يبات فيه ، والعلو مثله ، والشيء لا يكون تبعا لمثله فلا يدخل فيه إلا بالتنصيص عليه ، والمنزل بين الدار والبيت لأنه يتأتى فيه مرافق السكنى مع ضرب قصور إذ لا يكون فيه منزل الدواب ، فلشبهه بالدار يدخل العلو فيه تبعا عند ذكر التوابع ، ولشبهه بالبيت لا يدخل فيه بدونه .

[ ص: 41 ] وقيل في عرفنا يدخل العلو في جميع ذلك لأن كل مسكن يسمى بالفارسية خانه ولا يخلو عن علو ، وكما يدخل العلو في اسم الدار يدخل الكنيف لأنه من توابعه ، ولا تدخل الظلة إلا بذكر ما ذكرنا عند أبي حنيفة رحمه الله [ ص: 42 ] لأنه مبني على هواء الطريق فأخذ حكمه . وعندهما إن كان مفتحه في الدار يدخل من غير ذكر شيء مما ذكرنا لأنه من توابعه فشابه الكنيف .

[ ص: 40 ]

التالي السابق


[ ص: 40 ] ( باب الحقوق )

محل هذا الباب عقيب كتاب البيوع قبل الخيار ( قوله ومن اشترى منزلا فوقه منزل ) حاصل ما هنا أن الأسماء ثلاثة : البيت ، والمنزل ، والدار .

فالبيت أصغرها وهو اسم لمسقف واحد جعل ليبات فيه ، فمنهم من يقتصر على هذا ، ومنهم من يزيد له دهليزا .

والجواب فيه أن علوه لا يدخل في بيعه : يعني إذا باع البيت لا يدخل العلو .

[ ص: 41 ] وإن قال بكل حق هو له أو كل قليل وكثير ما لم يذكر اسم العلو صريحا لأن العلو مثله فإنه مسقف يبات فيه والشيء لا يستتبع مثله بل ما هو أدنى منه .

وأورد : المستعير له أن يعير ما لا يختلف باختلاف المستعمل والمكاتب يكاتب عبده . وأجيب بأن ذلك ليس بطريق الاستتباع ، بل لما ملك المستعير المنفعة بغير بدل كان له أن يملك ما ملك كذلك ، والمكاتب بعقد الكتابة لما صار أحق بمكاسبه كان له ذلك لأن كتابته عبده من أكسابه .

والمنزل فوق البيت دون الدار ، وهو اسم لمكان يشتمل على بيتين أو ثلاثة ينزل فيها ليلا ونهارا ، وله مطبخ وموضع قضاء الحاجة فيتأتى فيه السكنى بالعيال مع ضرب قصور ، إذ ليس له صحن غير مسقف ولا إصطبل الدواب فلكون البيت دونه صلح أن يستتبعه فلشبهه بالدار يدخل العلو فيه تبعا عند ذكر التوابع غير متوقف على التنصيص عليه باسمه الخاص ، وهو أن يشتريه بكل قليل وكثير هو له فيه أو منه ، أو بكل حق له أو بمرافقه ، ولشبهه بالبيت لا يدخل بلا ذكر زيادة .

والدار اسم لساحة أدير عليها الحدود وتشتمل على بيوت وإصطبل وصحن غير مسقف وعلو فيجمع فيها بين الصحن للاسترواح ومنافع الأبنية للإسكان .

ولا فرق بين كون الأبنية بالتراب والماء أو بالخيام والقباب ، والعلو من توابع الأصل وأجزائه فيدخل فيه بلا ذكر زيادة على شراء الدار

، وكذا يدخل الكنيف الشارع .

والكنيف هو المستراح ، أما الظلة وهو الساباط الذي يكون أحد طرفيه على الدار والآخر على دار أخرى أو على أسطوانات في السكة ومفتحها في الدار المبيعة ; فعند أبي حنيفة لا يدخل في بيع الدار ما لم يقل ما ذكرنا من قوله بكل [ ص: 42 ] حق هو لها أو مرافقها أو بكل قليل أو كثير وهو فيها أو منها ( لأنه ) أي الظلة بتأويل الساباط ( مبني على هواء الطريق فأخذ حكمه . وعندهما إن كان مفتحه في الدار يدخل )

بلا ذكر زيادة ، ولأن مفتحها إذا كان في الدار كانت تبعا للدار كالكنيف الشارع قالوا هذا في عرفهم : أي عرف أهل الكوفة ( أما في عرفنا يدخل العلو ) ما ذكر في الصور كلها سواء كان المبيع بيتا فوقه علو أو منزلا كذلك ، لأن كل مسكن يسمى خانه في بلاد العجم وله علو سواء كان صغيرا كالبيت أو غيره إلا دار السلطان تسمى سراي




الخدمات العلمية