قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا لم يصح صومه وعليه القضاء ، وقال نوى الصوم من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار : يصح صومه كما لو نوى الصوم ثم نام جميع النهار ، والدليل على أن الصوم لا يصح أن الصوم نية وترك ، ثم لو انفرد الترك عن النية لم يصح ، فإذا انفردت النية عن الترك لم يصح ، وأما النوم فإن المزني قال : إذا نام جميع النهار لم يصح صومه ، كما إذا أغمي عليه جميع النهار ، والمذهب أنه يصح صومه إذا نام . والفرق بينه وبين الإغماء أن النائم ثابت العقل ، لأنه إذا نبه انتبه والمغمى عليه بخلافه ، ولأن النائم كالمستيقظ ، ولهذا ولايته ثابتة على ماله بخلاف المغمى عليه ، وإن نوى الصوم ثم أغمي عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر أبا سعيد الإصطخري : إذا كان في أوله مفيقا صح صومه ، وفي كتاب الصوم إذا كان في بعضه مفيقا أجزأه . وقال في اختلاف البويطي أبي حنيفة : إذا كانت صائمة فأغمي عليها أو حاضت بطل صومها ، وخرج وابن أبي ليلى أبو العباس قولا آخر أنه إن كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه ، فمن أصحابنا من قال : المسألة على قول واحد أنه يعتبر أن يكون مفيقا في أول النهار ، وتأول ما سواه من الأقوال على هذا ، ومن أصحابنا من قال : فيها أربعة أقوال : ( أحدها ) أنه تعتبر الإفاقة في أوله كالنية تعتبر في أوله . ( والثاني ) أنه تعتبر الإفاقة في طرفيه كما أن في الصلاة يعتبر القصد في الطرفين في الدخول والخروج ، ولا يعتبر فيما بينهما .
( والثالث ) أنه تعتبر الإفاقة في جميعه ، فإذا أغمي عليه في بعضه لم يصح [ صومه ] ; لأنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلاة فأبطل الصوم [ ص: 384 ] كالحيض .
( والرابع ) تعتبر الإفاقة في جزء منه ولا أعرف له وجها ، إن نوى الصوم ثم جن ففيه قولان : قال في الجديد : يبطل الصوم ; لأنه عارض يسقط فرض الصلاة ، فأبطل الصوم كالحيض . وقال في القديم : هو كالإغماء ; لأنه يزيل العقل والولاية فهو كالإغماء ) .
التالي
السابق
( الشرح ) قوله : لأنه عارض يسقط فرض الصلاة ، ينتقض بالإغماء ، فإنه يسقط فرض الصلاة ولا يبطل الصوم به في بعض النهار على الأصح .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) إذا صح صومه على المذهب وبه قال الجمهور . وقال نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل أبو الطيب بن سلمة : لا يصح ، حكاه وأبو سعيد الإصطخري البندنيجي عن ابن سريج أيضا ، ودليل الجميع في الكتاب ، وأجمعوا على أنه لو صح صومه ( الثانية ) لو استيقظ لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه بالإجماع ; لأن في تكليف ذكره حرجا . نوى من الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافلا عن الصوم في جميعه
( الثالثة ) لو ، لم يصح صومه على المذهب ، وفيه قول مخرج من النوم أنه يصح خرجه نوى من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار وغيره من أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب . المزني
( الرابعة ) إذا ففيه ثلاثة طرق : ( أحدها ) إن أفاق في جزء من النهار صح صومه وإلا فلا ، وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو غيره وهذا هو نص نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون بعض في باب الصيام في مختصر الشافعي . المزني
وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي عن ، وتأول هذا القائل النصين الآخرين فتأول نصه في اختلاف ابن أبي هريرة أبي حنيفة على أن بطلان الصوم عائد إلى الحيض خاصة لا إلى الإغماء ، قالوا : [ ص: 385 ] وقد يفعل وابن أبي ليلى مثل هذا وتأوله الشافعي الماوردي تأويلا آخر ، وهو أن المراد بالإغماء هنا الجنون ، وتأول هذا القائل نصه في الظهار على أنه ذكر الإفاقة في أوله للتمثيل بالجزء لا لاشتراط الأول . والبويطي
( الطريق الثاني ) القطع بأنه إن أفاق في أوله صح وإلا فلا ، وتأول نصه في الصوم على أن المراد بالجزء المبهم أوله ، كما صرح به في الظهار ، وتأول نص اختلاف على ما سبق . أبي حنيفة
( والطريق الثالث ) في المسألة أربعة أقوال وهذا الطريق هو الأصح الأشهر ، أصح الأقوال يشترط الإفاقة في جزء منه ( والثاني ) في أوله خاصة ( والثالث ) في طرفيه ( والرابع ) في جميعه كالنقاء من الحيض . هذا الرابع تخريج لابن سريج خرجه من الصلاة ، وليس منصوصا قال : وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع في الكتاب إلا القول الأول الأصح . فإن للشافعي المصنف قال : لا أعرف له وجها ، وهذا عجب منه ، مع أن هذا القول هو الأصح عند محققي أصحابنا ، فالأصح من هذا الخلاف كله إن كان مفيقا في جزء من النهار أي جزء كان صح صومه وإلا فلا .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) إذا صح صومه على المذهب وبه قال الجمهور . وقال نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل أبو الطيب بن سلمة : لا يصح ، حكاه وأبو سعيد الإصطخري البندنيجي عن ابن سريج أيضا ، ودليل الجميع في الكتاب ، وأجمعوا على أنه لو صح صومه ( الثانية ) لو استيقظ لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه بالإجماع ; لأن في تكليف ذكره حرجا . نوى من الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافلا عن الصوم في جميعه
( الثالثة ) لو ، لم يصح صومه على المذهب ، وفيه قول مخرج من النوم أنه يصح خرجه نوى من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار وغيره من أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب . المزني
( الرابعة ) إذا ففيه ثلاثة طرق : ( أحدها ) إن أفاق في جزء من النهار صح صومه وإلا فلا ، وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو غيره وهذا هو نص نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون بعض في باب الصيام في مختصر الشافعي . المزني
وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي عن ، وتأول هذا القائل النصين الآخرين فتأول نصه في اختلاف ابن أبي هريرة أبي حنيفة على أن بطلان الصوم عائد إلى الحيض خاصة لا إلى الإغماء ، قالوا : [ ص: 385 ] وقد يفعل وابن أبي ليلى مثل هذا وتأوله الشافعي الماوردي تأويلا آخر ، وهو أن المراد بالإغماء هنا الجنون ، وتأول هذا القائل نصه في الظهار على أنه ذكر الإفاقة في أوله للتمثيل بالجزء لا لاشتراط الأول . والبويطي
( الطريق الثاني ) القطع بأنه إن أفاق في أوله صح وإلا فلا ، وتأول نصه في الصوم على أن المراد بالجزء المبهم أوله ، كما صرح به في الظهار ، وتأول نص اختلاف على ما سبق . أبي حنيفة
( والطريق الثالث ) في المسألة أربعة أقوال وهذا الطريق هو الأصح الأشهر ، أصح الأقوال يشترط الإفاقة في جزء منه ( والثاني ) في أوله خاصة ( والثالث ) في طرفيه ( والرابع ) في جميعه كالنقاء من الحيض . هذا الرابع تخريج لابن سريج خرجه من الصلاة ، وليس منصوصا قال : وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع في الكتاب إلا القول الأول الأصح . فإن للشافعي المصنف قال : لا أعرف له وجها ، وهذا عجب منه ، مع أن هذا القول هو الأصح عند محققي أصحابنا ، فالأصح من هذا الخلاف كله إن كان مفيقا في جزء من النهار أي جزء كان صح صومه وإلا فلا .
( الخامسة ) إذا فقولان مشهوران ذكرهما نوى الصوم بالليل وجن في بعض النهار المصنف وغيره من الأصحاب ( الجديد ) بطلان صومه ; لأنه مناف للصوم كالحيض ، وقال في القديم : هو كالإغماء ففيه الخلاف السابق ، ومن الأصحاب من حكى بدل القولين وجهين كصاحب الإبانة وآخرين ومنهم من حكاهما طريقين وهو أحسن ، وقطع الشيخ أبو حامد والماوردي وابن الصباغ وآخرون ببطلان الصوم بالجنون في لحظة كالحيض . ولو لم يصح بلا خلاف . جن جميع النهار
( السادسة ) لو ، بطل صومهما بلا خلاف ، وعليهما القضاء ، وكذلك لو نفست بطل صومها بلا خلاف ، ولو ولدت ولم تر دما أصلا ، ففي بطلان صومها خلاف مبني على وجوب الغسل بخروج الولد وحده ( إن قلنا ) لا غسل ، لم يبطل صومها وإلا بطل على أشهر الوجهين عند الأصحاب ولم يبطل على الآخر ، وهو الراجح دليلا ، وقد سبق إيضاح المسألة في باب ما يوجب الغسل . حاضت في بعض النهار أو ارتد
[ ص: 386 ] السابعة ) حيث قلنا : لا يصح صوم المغمى عليه إما لوجود الإغماء في كل النهار أو بعضه ، وإما لعدم نيته بالليل ، يلزمه قضاء ما فاته من رمضان ، هكذا قطع به المصنف وجماهير الأصحاب وهو المنصوص ، وفيه وجه لابن سريج ، واختاره صاحب الحاوي أنه لا ، كما لا قضاء على المغمى عليه . والمذهب الأول ، وقد سبقت المسألة مبسوطة في أول هذا الباب . قضاء على المجنون
( فرع ) لو ، قال نوى الصوم في الليل ثم شرب دواء فزال عقله نهارا بسببه البغوي : إن قلنا : لا يصح صوم المغمى عليه فهذا أولى ، وإلا فوجهان ( أصحهما ) لا يصح ; لأنه بفعله ، قال المتولي : ولو شرب المسكر ليلا وبقي سكره جميع النهار لم يصح صومه . وعليه القضاء في رمضان ، وإن صحا في بعضه فهو كالإغماء في بعض النهار .