الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2305 [ ص: 552 ] 10 - باب: هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق؟

                                                                                                                                                                                                                              2437 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت سويد بن غفلة قال: كنت مع سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان في غزاة، فوجدت سوطا. فقال لي: ألقه. قلت: لا، ولكن إن وجدت صاحبه، وإلا استمتعت به. فلما رجعنا حججنا، فمررت بالمدينة، فسألت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: وجدت صرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار، فأتيت بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " عرفها حولا". فعرفتها حولا ثم أتيت، فقال: "عرفها حولا". فعرفتها حولا ثم أتيته، فقال: "عرفها حولا". فعرفتها حولا ثم أتيته الرابعة، فقال: "اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا استمتع بها". [انظر: 2426 - مسلم: 1723 - فتح: 5 \ 91]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا عبدان قال: أخبرني أبي، عن شعبة، عن سلمة بهذا قال: فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري أثلاثة أحوال أو حولا واحدا.

                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي بن كعب السالف أول الباب بزيادة.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف العلماء في اللقطة هل أخذها أفضل أم تركها؟ فكرهت طائفة أخذها ورأوا تركها أفضل، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وهو قول عطاء . وروى ابن القاسم عن مالك أنه كره أخذها والآبق، فإن أخذ ذلك وضاعت وأبق من غير تضييعه لم يضمن، [ ص: 553 ] وكره أحمد أخذها أيضا وقالت طائفة: أخذها وتعريفها أفضل من تركها، هذا قول سعيد بن المسيب .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة : تركها سبب لإضاعتها، وبه قال الشافعي، وعن مالك: إن كان شيء له بال فأخذه وتعريفه أحب إلي.

                                                                                                                                                                                                                              حجة الأول الحديث السالف: " ضالة المؤمن حرق النار "، و "لا يأوي الضالة إلا ضال ".

                                                                                                                                                                                                                              حجة الثاني: أمر الشارع بتعريفها ولم يقل له: لم أخذتها: وذلك دليل على أن الفضل في أخذها وتعريفها؛ لأن تركها عون على ضياعها، ومن الحق النصيحة للمسلم وأن يحوطه في ماله بما أمكنه. وتأولوا ما سلف أن المراد به: من لم يعرفها وأراد الانتفاع بها حتى لا تتضاد الأخبار، ويدل على ذلك رواية زيد بن خالد الجهني مرفوعا: " من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها ".

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجارود قال: أتينا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن على إبل عجاف، فقلنا: يا رسول الله، إنا نمر بالجرف فنجد إبلا فنركبها، فقال: "ضالة المؤمن حرق النار " وكان سؤالهم عن أخذها إنما هو لأن يركبوها، فأجاب بذلك، أي: ضالة المسلم حكمها أن تحفظ [ ص: 554 ] على صاحبها حتى تؤدى إليه، لا لأن ينتفع بها لركوب ولا لغيره.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة: قول سويد : (كنت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان في غزاة فوجدت سوطا فقال لي: ألقه) قال الداودي : قول سويد صواب، وقد أدرك الجاهلية والإسلام. وقيل: له صحبة وصحب عليا وابن مسعود، وتوفي سنة ست وعشرين ومائة. وسلمان باهلي كان عمر يوليه على الجيوش، وزيد بن صوحان كان عمر يرحل رحله بيده إكراما له لفضله. قطعت رجله يوم الجمل وهو مع علي.

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ أبو إسحاق في "زاهيه": خالف سعيد بن المسيب أهل مكة والمدينة وقال: تؤخذ اللقطة وتعرف؛ لأنه مال يجمع على ربه، وأحسب أنه أراد أن حرمته كحرمة اللقيط، وبه قال الحسن بن صالح .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية