الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأمرت لأن أكون أول المسلمين أي وأمرت بذلك لأجل أن أكون [ ص: 250 ] مقدم المسلمين في الدنيا والآخرة، لأن إحراز قصب السبق في الدين بالإخلاص فيه، وإخلاصه - عليه الصلاة والسلام - أتم من إخلاص كل مخلص، فالمراد بالأولية الأولية في الشرف والرتبة، والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة، والإشعار بأن العبادة المذكورة كما تقتضي الأمر بها لذاتها تقتضيه لما يلزمها من السبق في الدين، وإلى حذف متعلق الأمر، وكون اللام تعليلية ذهب البصريون في هذه الآية ونحوها، وذهب غيرهم إلى أنها زائدة، واستدل له بتركها في قوله تعالى: وأمرت أن أكون من المسلمين ، و وأمرت أن أكون من المؤمنين ، و أمرت أن أكون أول من أسلم وكل ذلك محتمل لتقدير اللام، فلا تغفل، ولا تزاد إلا مع إن لفظا أو تقديرا دون الاسم الصريح، وذلك لأن الأصل في المفعول به أن يكون اسما صريحا، فكأنها زيدت عوضا من ترك الأصل إلى ما يقوم مقامه كما يعوض السين في اسطاع عوضا من ترك الأصل الذي هو أطوع، وهذه الزيادة وإن كانت شاذة قياسا إلا أنها لما كثرت استعمالا جاز استعمالها في القرآن، والكلام الفصيح، ومثل هذا يقال في زيادتها مع فعل الإرادة نحو: أردت لأن أفعل. وجعل الزمخشري وجه زيادتها معه أنها لما كان فيها معنى الإرادة زيدت تأكيدا لها، وجعل وجها في زيادتها مع فعل الأمر أيضا لا سيما والطلب والإرادة عندهم من باب واحدة، وفي المعنى أوجه: أن أكون أول من أسلم في زماني، ومن قومي، أي إسلاما على وفق الأمر، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإسلام إسلاما، وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره لأكون مقتدى بي قولي وفعلي جميعا ولا تكون صفتي صفة الملوك الذين يأمرون بما لا يفعلون، وأن أفعل ما أستحق به الأولية والشرف من أعمال السابقين دلالة على السبب، وهي الأعمال التي يستحق بها الشرف بالمسبب، وهو الأولية، والشرف المذكور في النظم الجليل، ذكر ذلك الزمخشري . وفي الكشف: المختار من الأوجه الأربعة الوجه الثاني، فإنه المكرر الشائع في القرآن الكريم، وفيه سائر المعاني الأخر من موافقة القول الفعل، ولزوم أولية الشرف من أولية التأسيس مع أنه ليس فيه أنه أمر بأن يكون أشرف وأسبق فافهم،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية