5062 [ ص: 142 ] كتاب صفة الجنة
وقال النووي: (كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها).
وأقول: ألف الحافظ ابن القيم، رحمه الله: كتابا في أحوال الجنة. وسماه: «حادي الأرواح، إلى بلاد الأفراح»، جمع فيه: كل ما جاء في هذا الباب، من القرآن والحديث. وهو كتاب شريف لطيف، جامع. لم يسبق إليه في ملة الإسلام. احتوى على علم كثير. وقد لخصته في مجلد وسيط. وسميته: «مثير ساكن الغرام، إلى روضات دار السلام» وهو تلوه في إفادة جميع ما فيه.
فإن كنت ممن يريد: الاطلاع على حال الجنة وأهلها، فعليك به.
ولا مندوحة لك منه.
وحيث بسطنا الكلام هناك، على الأدلة الواردة فيها: اختصرنا ههنا، في تشريح أحاديث هذا الكتاب إحالة عليه، وتركا للإطالة.
باب في أول زمرة تدخل الجنة
وأورده النووي، في (الكتاب المتقدم).
(حديث الباب)
وهو بصحيح \ مسلم النووي، ص 170، 171 ج 17، المطبعة المصرية
(عن محمد؛ قال:
[ ص: 143 ] فقال أولم يقل أبو هريرة: أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: والتي تليها: على أضوإ كوكب دري، في السماء. «إن أول زمرة تدخل الجنة: على صورة القمر، ليلة البدر.
لكل امرئ منهم: زوجتان اثنتان. يرى مخ سوقهما: من وراء اللحم. وما في الجنة أعزب ؟ »). إما تفاخروا - وإما تذاكروا - الرجال في الجنة أكثر، أم النساء ؟
كتاب صفة الجنة
- باب في أول زمرة تدخل الجنة
- باب منه
- باب من يدخل الجنة على صورة آدم
- باب يدخل اللجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير
- باب إخلال الرضوان على أهل الجنة
- باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف
- باب أكل أهل الجنة فيها
- باب تحفة أهل الجنة
- باب في دوام نعيم أهل الجنة
- باب في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها
- باب في صفة خيام الجنة
- باب في سوق الجنة
- باب ما في الدنيا من أنهار الجنة
- باب حفت الجنة بالمكاره
- باب أقل ساكني الجنة النساء
- باب في أهل الجنة وأهل النار وعلاماتهم في الدنيا
- باب منه
- باب منه
- باب خلود أهل الجنة وأهل النار فيما هم فيه
التالي
السابق
(الشرح)
(عن محمد)، يعني: ابن سيرين. (قال: إما تفاخروا - وإما تذاكروا -: فقال الرجال في الجنة أكثر، أم النساء ؟ أولم يقل أبو هريرة: أبو القاسم): محمد رسول الله، (صلى الله عليه) وآله (وسلم: «إن على صورة القمر، ليلة البدر. والتي تليها: على أضوإ كوكب دري في السماء. أول زمرة، تدخل الجنة:
لكل امرئ منهم: زوجتان اثنتان. يرى مخ سوقهما: من وراء اللحم. وما في الجنة أعزب ؟ »).
«الزمرة»: الجماعة.
«والدري»: فيه ثلاث لغات، قرئ بهن في السبع، الأكثرون: «دري»، بضم الدال، وتشديد الياء، بلا همز.
[ ص: 144 ] والثانية: بضم الدال ؛ مهموز، ممدود.
والثالثة: بكسر الدال، مهموز، ممدود.
وهو «الكوكب العظيم».
قيل: سمي «دريا»: لبياضه، كالدر. وقيل: لشبهه «بالدر»، في كونه: أرفع من باقي النجوم. كالدر أرفع الجواهر.
وقوله: «زوجتان». هكذا في الروايات: «بالتاء». وهي لغة متكررة في الأحاديث، وكلام العرب. والأشهر: حذفها. وبه: جاء القرآن، وأكثر الأحاديث.
«وأعزب» بالألف. هكذا في جميع نسخ بلاد النووي. وهي لغة. والمشهور في اللغة: «عزب» بغير ألف.
قال إن جميع رواتهم، رووه: بغير ألف، إلا «العذري»، فرواه بالألف. قال: وليس بشيء. عياض:
«والعزب»: من لا زوجة له. والعزوب: البعد. وسمي «عزبا» لبعده عن النساء.
قال ظاهر هذا الحديث، أن النساء أكثر أهل الجنة. وفي الحديث الآخر: «أنهن أكثر أهل النار». عياض:
قال: فيخرج من مجموع هذا، أن النساء أكثر ولد آدم.
[ ص: 145 ] قال: وهذا كله في الآدميات. وإلا فقد جاء: «للواحد من أهل الجنة، من الحور: العدد الكثير». انتهى كلام النووي، رحمه الله.
وقال ابن القيم، في (حادي الأرواح): إن كن من نساء الدنيا، فالنساء في الدنيا أكثر من الرجال. وإن كن من الحور العين: لم يلزم أن يكن في الدنيا أكثر. والظاهر: أنهن من الحور العين، لما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أحمد، «للرجل من أهل الجنة: زوجتان، من الحور العين، على كل واحدة حلة. يرى مخ ساقها: من وراء الثياب».
وأما حديث المتفق على صحته،. يرفعه: جابر، «إن منكن في الجنة ليسير» فقالت امرأة: يا رسول الله ! لم ؟ قال: «إنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير».
وفي الحديث الآخر: «أقل ساكني الجنة: النساء».
قيل: فهذا يدل على أنهن، إنما يكن في الجنة بالحور العين، اللاتي خلقهن في الجنة. وأقل ساكنيها نساء الدنيا. فنساء الدنيا: أقل أهل الجنة، وأكثر أهل النار.
وأما كونهن أكثر أهل النار: فلحديث «عمران» عند وحديث البخاري، عند «ابن عباس» وحديث مسلم، عند «أبي هريرة» بإسناد صحيح، وحديث أحمد: «ابن عمرو»، أيضا، في المسند: «اطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها: النساء».
[ ص: 146 ] وفي حديث في الصحيح: «ابن عمر» «رأيتكن أكثر أهل النار».
وأما كونهن: أقل أهل الجنة، ففي أفراد عن مسلم، «عمران» ؛ يرفعه: «إن أقل ساكني الجنة: النساء».
وأما رواية «أبي يعلى الموصلي» عن في حديث طويل ؛ يرفعه: «أبي هريرة» «فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة، مما ينشئ الله، واثنتين من ولد آدم»: ففيه مقال.
وإذا روي مثل هذا، مما يخالف الأحاديث الصحيحة: لم يلتفت إلى روايته. انتهى.
قلت: وفي حديث الباب، المروي من طريق أخرى، عن وهو متفق عليه. بلفظ: «أبي هريرة». الحديث. «ولكل امرئ منهم زوجتان، من الحور العين»
قال في (اللمعات، شرح المشكاة): المراد أن لكل امرئ زوجتين، بهذه الصفة. يعني: حوراء، عيناء. ولا ينافي ذلك: أن يكون له زوجات أخر.
[ ص: 147 ] وقيل: المراد «بالتثنية»: التكثير. انتهى.
ولعل أخذ الزيادة على الاثنتين: من رواية «أبي يعلى المذكورة قريبا. وقد عرفت أن فيه مقالا، لا يصلح للاحتجاج بسببه.
والذي خطر بالبال - حين تحرير هذا المقال -: أن الله سبحانه، أباح لكل رجل من هذه الأمة: أربع زوجات. فإن غفرهن كلهن: لا بد أن يكن عنده في الجنة. فيزيد العدد: على الاثنتين.
ولا منافاة بين هذا. وبين حديث الباب. فإن الاثنتين تكونان من الحور العين، وسائرهن: من نساء الدنيا. والله أعلم.
(عن محمد)، يعني: ابن سيرين. (قال: إما تفاخروا - وإما تذاكروا -: فقال الرجال في الجنة أكثر، أم النساء ؟ أولم يقل أبو هريرة: أبو القاسم): محمد رسول الله، (صلى الله عليه) وآله (وسلم: «إن على صورة القمر، ليلة البدر. والتي تليها: على أضوإ كوكب دري في السماء. أول زمرة، تدخل الجنة:
لكل امرئ منهم: زوجتان اثنتان. يرى مخ سوقهما: من وراء اللحم. وما في الجنة أعزب ؟ »).
«الزمرة»: الجماعة.
«والدري»: فيه ثلاث لغات، قرئ بهن في السبع، الأكثرون: «دري»، بضم الدال، وتشديد الياء، بلا همز.
[ ص: 144 ] والثانية: بضم الدال ؛ مهموز، ممدود.
والثالثة: بكسر الدال، مهموز، ممدود.
وهو «الكوكب العظيم».
قيل: سمي «دريا»: لبياضه، كالدر. وقيل: لشبهه «بالدر»، في كونه: أرفع من باقي النجوم. كالدر أرفع الجواهر.
وقوله: «زوجتان». هكذا في الروايات: «بالتاء». وهي لغة متكررة في الأحاديث، وكلام العرب. والأشهر: حذفها. وبه: جاء القرآن، وأكثر الأحاديث.
«وأعزب» بالألف. هكذا في جميع نسخ بلاد النووي. وهي لغة. والمشهور في اللغة: «عزب» بغير ألف.
قال إن جميع رواتهم، رووه: بغير ألف، إلا «العذري»، فرواه بالألف. قال: وليس بشيء. عياض:
«والعزب»: من لا زوجة له. والعزوب: البعد. وسمي «عزبا» لبعده عن النساء.
قال ظاهر هذا الحديث، أن النساء أكثر أهل الجنة. وفي الحديث الآخر: «أنهن أكثر أهل النار». عياض:
قال: فيخرج من مجموع هذا، أن النساء أكثر ولد آدم.
[ ص: 145 ] قال: وهذا كله في الآدميات. وإلا فقد جاء: «للواحد من أهل الجنة، من الحور: العدد الكثير». انتهى كلام النووي، رحمه الله.
وقال ابن القيم، في (حادي الأرواح): إن كن من نساء الدنيا، فالنساء في الدنيا أكثر من الرجال. وإن كن من الحور العين: لم يلزم أن يكن في الدنيا أكثر. والظاهر: أنهن من الحور العين، لما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أحمد، «للرجل من أهل الجنة: زوجتان، من الحور العين، على كل واحدة حلة. يرى مخ ساقها: من وراء الثياب».
وأما حديث المتفق على صحته،. يرفعه: جابر، «إن منكن في الجنة ليسير» فقالت امرأة: يا رسول الله ! لم ؟ قال: «إنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير».
وفي الحديث الآخر: «أقل ساكني الجنة: النساء».
قيل: فهذا يدل على أنهن، إنما يكن في الجنة بالحور العين، اللاتي خلقهن في الجنة. وأقل ساكنيها نساء الدنيا. فنساء الدنيا: أقل أهل الجنة، وأكثر أهل النار.
وأما كونهن أكثر أهل النار: فلحديث «عمران» عند وحديث البخاري، عند «ابن عباس» وحديث مسلم، عند «أبي هريرة» بإسناد صحيح، وحديث أحمد: «ابن عمرو»، أيضا، في المسند: «اطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها: النساء».
[ ص: 146 ] وفي حديث في الصحيح: «ابن عمر» «رأيتكن أكثر أهل النار».
وأما كونهن: أقل أهل الجنة، ففي أفراد عن مسلم، «عمران» ؛ يرفعه: «إن أقل ساكني الجنة: النساء».
وأما رواية «أبي يعلى الموصلي» عن في حديث طويل ؛ يرفعه: «أبي هريرة» «فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة، مما ينشئ الله، واثنتين من ولد آدم»: ففيه مقال.
وإذا روي مثل هذا، مما يخالف الأحاديث الصحيحة: لم يلتفت إلى روايته. انتهى.
قلت: وفي حديث الباب، المروي من طريق أخرى، عن وهو متفق عليه. بلفظ: «أبي هريرة». الحديث. «ولكل امرئ منهم زوجتان، من الحور العين»
قال في (اللمعات، شرح المشكاة): المراد أن لكل امرئ زوجتين، بهذه الصفة. يعني: حوراء، عيناء. ولا ينافي ذلك: أن يكون له زوجات أخر.
[ ص: 147 ] وقيل: المراد «بالتثنية»: التكثير. انتهى.
ولعل أخذ الزيادة على الاثنتين: من رواية «أبي يعلى المذكورة قريبا. وقد عرفت أن فيه مقالا، لا يصلح للاحتجاج بسببه.
والذي خطر بالبال - حين تحرير هذا المقال -: أن الله سبحانه، أباح لكل رجل من هذه الأمة: أربع زوجات. فإن غفرهن كلهن: لا بد أن يكن عنده في الجنة. فيزيد العدد: على الاثنتين.
ولا منافاة بين هذا. وبين حديث الباب. فإن الاثنتين تكونان من الحور العين، وسائرهن: من نساء الدنيا. والله أعلم.