الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب أو الفضة

                                                                                                                                                                                                        2077 حدثنا يحيى بن سليمان حدثنا ابن وهب أخبرنا ابن جريج عن عطاء وأبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا [ ص: 453 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 453 ] قوله : ( باب بيع الثمر ) بفتح المثلثة والميم ( على رءوس النخل ) أي : بعد أن يطيب . وقوله : " بالذهب أو الفضة " اتبع فيه ظاهر الحديث وسيأتي البحث فيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عطاء ) هو ابن أبي رباح ، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم ، كذا جمع بينهما ابن وهب ، وتابعه أبو عاصم عند مسلم ويحيى بن أيوب عند الطحاوي ، وكلاهما عن ابن جريج ، ورواه ابن عيينة عند مسلم عن ابن جريج عن عطاء وحده ، ووقع في روايته عن ابن جريج " أخبرني عطاء " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن جابر ) في رواية أبي عاصم المذكورة " أنهما سمعا جابر بن عبد الله " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن بيع الثمر ) بفتح المثلثة أي : الرطب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى يطيب ) في رواية ابن عيينة : " حتى يبدو صلاحه " وسيأتي تفسيره بعد باب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدرهم ) قال ابن بطال : إنما اقتصر على الذهب والفضة لأنهما جل ما يتعامل به الناس ، وإلا فلا خلاف بين الأمة في جواز بيعه بالعروض يعني : بشرطه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إلا العرايا ) زاد يحيى بن أيوب في روايته : " فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص فيها " أي : فيجوز بيع الرطب فيها بعد أن يخرص ويعرف قدره بقدر ذلك من الثمر كما سيأتي البحث فيه ، قال ابن المنذر : ادعى الكوفيون أن بيع العرايا منسوخ بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالتمر وهذا مردود ؛ لأن الذي روى النهي عن بيع الثمر بالتمر هو الذي روى الرخصة في العرايا فأثبت النهي والرخصة معا .

                                                                                                                                                                                                        قلت : ورواية سالم الماضية في الباب الذي قبله تدل على أن الرخصة في بيع العرايا وقع بعد النهي عن بيع الثمر بالتمر ، ولفظه : عن ابن عمر مرفوعا : ولا تبيعوا الثمر بالتمر قال : وعن زيد بن ثابت " أنه - صلى الله عليه وسلم - رخص بعد ذلك في بيع العرية " وهذا هو الذي يقتضيه لفظ الرخصة فإنها تكون بعد منع ، وكذلك بقية الأحاديث التي وقع فيها استثناء العرايا بعد ذكر بيع الثمر بالتمر ، وقد قدمت إيضاح ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية