الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الباب الأول الأمر بلزوم السنة والجماعة

أخبرنا هبة الله بن محمد ، نا الحسن بن علي التيمي ، نا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، عن ابن إسحاق ، نا ابن المبارك ، ثنا محمد بن سوقة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما خطب بالجابية، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "من أراد منكم بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد". أخبرنا أحمد ، وحدثنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال: خطب عمر الناس بالجابية، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا، فقال: "من أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ ، ويحيى بن علي المديني ، نا أبو محمد الصريفيني ، نا أبو بكر محمد بن الحسن بن عبدان ، ثنا أبو محمد بن صاعد ، ثنا سعيد بن يحيى الأموي ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن عمر بن الخطاب قال: قال [ ص: 9 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد". حدثنا عبد الأول بن عيسى ، نا أبو القصار بن يحيى ، ثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز ، أنبأنا أبو عبيد ، نا النضر بن إسماعيل ، عن محمد بن سوقة ، عن عبد الله بن دينار ، عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد". أخبرنا عبد الأول ، نا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي ، نا عبد الرحمن بن أبي شريح ، ثنا ابن صاعد ، ثنا إبراهيم بن سعد الجوهري ، ثنا أبو معاوية ، عن يزيد بن مردانبة ، عن زياد بن علاقة ، عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يد الله على الجماعة، والشيطان مع من يخالف الجماعة". أخبرنا محمد بن عمر الأرموي ، والحسين بن علي المقري ، نا عبد الصمد بن المأمون ، نا علي بن عمر الدارقطني ، ثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن يعلى ، ثنا سليمان العامري ، عن الشيباني ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يد الله على الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين كما يختطف الذئب الشاة من الغنم". أخبرنا ابن الحصين ، نا ابن المذهب ، نا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، أنبأنا أسود بن عامر ، ثنا أبو بكر ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما. قال: ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ) وبالإسناد قال أحمد: وثنا روح ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال: ثنا العلاء بن زياد ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة، والعامة، والمسجد". حدثنا أحمد ، ثنا أبو اليمان ، ثنا ابن عياش ، عن أبي البحتري بن عبيد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اثنان خير من واحد، وثلاثة خير من اثنين، وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة، فإن الله عز وجل لم يجمع أمتي إلا على الهدى".

أخبرنا عبد الملك بن القاسم الكروخي ، قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي ، وأبو بكر العروجي ، قالا: أخبرنا الحراجي ، قال: أخبرنا المحبوبي ، ثنا الترمذي ، ثنا محمود بن [ ص: 10 ] غيلان ، ثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان ، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه. وروى أبو داود في سننه من حديث معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا، فقال: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه".

أخبرنا أبو البركات بن علي البزاز ، نا أحمد بن علي الطريثيثي ، نا هبة الله بن الحسين الحافظ ، نا محمد بن الحسين الفارسي ، نا يوسف بن يعقوب بن إسحاق ، ثنا العلاء بن سالم ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش بن مالك بن الحارث ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله قال: الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة. أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، نا أحمد بن الحداد ، نا أبو نعيم الحافظ ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسين ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا محمد بن سعيد ، ثنا ابن المبارك ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار. وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في إخلاف. أخبرنا سعد الله بن [ ص: 11 ] علي ، نا الطريثيثي ، نا هبة الله بن الحسين ، نا عبد الواحد بن عبد العزيز ، نا محمد بن أحمد الشرقي ، ثنا عثمان بن أيوب ، نا إسحاق بن إبراهيم المروزي ، قال: ثنا أبو إسحاق الأقرع قال: سمعت الحسن بن أبي جعفر يذكر عن أبي الصهباء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: النظر إلى الرجل من أهل السنة يدعو إلى السنة، وينهى عن البدعة عبادة. أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال: نا أحمد بن أحمد ، نا أبو نعيم الأصبهاني ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي قال: أنبأنا سفيان بن عيينة قال: سمعت عاصما الأحول يحدث عن أبي العالية قال: عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يفترقوا - قال عاصم: فحدثت به الحسن، فقال: قد نصحك والله وصدقك. أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، نا أحمد بن أحمد ، قال: نا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن ، أنبأنا بشر بن موسى ، نا معاوية بن عمرو ، نا أبو إسحاق الفزاري قال: قال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم. أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، نا أحمد بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا محمد بن عبد الله بن أسلم ، أنبأنا محمد بن منصور الهروي ، ثنا عبد الله بن عروة قال: سمعت يوسف بن موسى القطان يحدث عن الأوزاعي قال: رأيت رب العزة في المنام، فقال لي: يا عبد الرحمن ، أنت الذي تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، فقلت: بفضلك يا رب، وقلت: يا رب، أمتني على الإسلام، فقال: وعلى السنة. أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، أنبأنا أحمد بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا إبراهيم بن أبي عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، سمعت أبا همام السكوني يقول: حدثني أبي ، قال: سمعت سفيان يقول: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة. أخبرنا محمد ، نا أحمد أبو نعيم ، أنبأنا محمد بن علي ، ثنا عمرو بن عبدويه ، ثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن عفان ، قال: ثنا يوسف بن أسباط قال: قال سفيان: يا يوسف ، إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، وإذا بلغك عن آخر بالمغرب أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، فقد قل أهل السنة والجماعة. أخبرنا سعد الله بن علي ، نا أحمد بن علي الطريثيثي ، نا هبة الله بن الحسين الطبري ، نا محمد بن [ ص: 12 ] عبد الرحمن ، نا البغوي ، نا محمد بن زياد البلدي ، ثنا أبو أسامة ، عن حماد بن زيد ، قال أيوب: إني لأخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي، وبه قال الطبري. وأخبرنا الحسين بن أحمد ، ثنا عبد الله اليزدجردي ، ثنا عبد الله بن وهب ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال: ثنا أيوب بن سويد ، عن عبد الله بن شوذب ، عن أيوب قال: قال: إن من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقهما الله تعالى لعالم من أهل السنة. قال الطبري: وأخبرنا أحمد بن محمد بن حنون ، ثنا جعفر بن محمد بن نضير ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا محمد بن هارون أبو نشيط ، ثنا أبو عمير بن النحاس ، ثنا ضمرة ، عن أبي شوذب قال: إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يؤاخي صاحب سنة يحمله عليها قال الطبري: وأخبرنا عيسى بن علي ، ثنا البغوي ، ثنا محمد بن هارون ، ثنا سعيد بن شبيب قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: كان أبي قدريا، وأخوالي روافض، فأنقذني الله بسفيان. قال الطبري: وأخبرنا أحمد بن محمد بن حفص ، نا عبد الله بن عدي ، ثنى أحمد بن العباس الهاشمي ، ثنا محمد بن عبد الأعلى قال: سمعت معتمر بن سليمان يقول: دخلت على أبي وأنا منكسر، فقال لي: ما لك؟ قلت مات صديق لي، فقال: مات على السنة؟ قلت: نعم، قال: تحزن عليه. قال الطبري: وأخبرنا أحمد بن عبد الله ، نا محمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن زهير ، ثنا يعقوب بن كعب ، ثنا عبدة ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيرا، فإنهم غرباء. أخبرنا أبو منصور بن حيرون ، نا إسماعيل بن أبي الفضل الإسماعيلي ، نا حمزة بن يوسف السهمي ، نا عبد الله بن علي الحافظ ، نا أبو عوانة ، ثنا جعفر بن عبد الواحد قال: قال لنا ابن أبي بكر بن عياش: السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان.

سمعت أبا عبد الله الحسين بن علي المقري يقول: سمعت أبا محمد عبد الله بن عطاء يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الإسكندراني يقول: سمعت أبا منصور محمد الأزدي يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن فراشة يقول: سمعت أحمد بن منصور يقول: سمعت الحسن بن محمد الطبري يقول: سمعت محمد بن المغيرة يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

[ ص: 13 ] أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، نا أحمد أبو نعيم ، أخبرني جعفر الخلدي في كتابه، قال: سمعت الجنيد يقول: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبع سنته، ولزم طريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه. أخبرنا عمر بن ظفر ، نا جعفر بن محمد ، نا عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا علي بن عبد الله بن جهضم ، نا محمد بن حابان قال: سمعت حامد بن إبراهيم يقول: قال الجنيد بن محمد: الطريق إلى الله عز وجل مسدودة على خلق الله تعالى، إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين لسنته، كما قال الله عز وجل: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية