الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 15 ] فصل

                                                                                                                              اتفق أهل العلم على أن أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز «الصحيحان» البخاري ومسلم. وتلقتهما الأمة بالقبول، قال الحاكم: كتاب مسلم أصح، ووافقه بعض شيوخ المغرب.

                                                                                                                              والصحيح أن كتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف. وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث.

                                                                                                                              وقد انتخب علمه، ولخص ما ارتضاه في هذا الكتاب، وبقي في تهذيبه وانتقائه «ست عشرة سنة» ، وجمعه من ألوف مؤلفة، ومن الأحاديث الصحيحة، وانفرد بفائدة حسنة وهي: كونه أسهل متناولا من حيث إنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به، جمع فيه طرقه، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده «مسلم» من طرقه.

                                                                                                                              قال مسلم: لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة «الحديث» فمدارهم على هذا «المسند» يعني: صحيحه. وقال: صنفت هذا «المسند» من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.

                                                                                                                              قال ابن الصلاح: شرط «مسلم» في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة، من أوله إلى منتهاه، سالما من الشذوذ والعلة. قال: وهذا حد الصحيح. فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بين أهل الحديث. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 16 ] قال الحاكم: عدد من احتج بهم «مسلم» في «المسند الصحيح» ، ولم يحتج بهم «البخاري» في «الجامع الصحيح» ستمائة وخمسة وعشرون شيخا والله أعلم. وعدد من أخرج لهم البخاري ولم يخرج لهم مسلم «أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا» ، انتهى.

                                                                                                                              والتعليق في كتاب البخاري كثير، وفي كتاب مسلم قليل جدا وله حكم الصحيح.

                                                                                                                              والانقطاع الواقع فيما رواه مسلم في كتابه في «أربعة عشر موضعا» ذكرها النووي في شرحه، وأطال في بيانه.

                                                                                                                              قال ابن الصلاح: وما اتفق البخاري ومسلم على إخراجه فهو مقطوع بصدق مخبره، ثابت يقينا لتلقي الأمة ذلك بالقبول، وذلك يفيد العلم النظري، وهو في إفادة العلم كالمتواتر، إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري.

                                                                                                                              وقد اتفقت الأمة على أن ما اتفق الشيخان على صدقه فهو حق وصدق. انتهى حاصله.

                                                                                                                              ويفترق الصحيحان عن غيرهما من الكتب، في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا. وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحيح. وكتاب «مسلم» هذا أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات. وكذا كتاب «البخاري» «بإسقاطها» (2) ثم إن «مسلما» ، «رح» رتب كتابه على «أبواب، لكن [ ص: 17 ] لم يذكر تراجمها. وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيد وبعضها ليس بجيد. قال النووي: وأنا أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها انتهى.

                                                                                                                              وأما تراجم تلخيصه «للمنذري» فستأتي عند نشرها إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              الخدمات العلمية