الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        باب

                                                                                                                                                                        بيان النجاسات والماء النجس

                                                                                                                                                                        الأعيان : جماد ، وحيوان ، فالجماد : ما ليس بحيوان ، ولا كان حيوانا ، ولا جزءا من حيوان ، ولا خرج من حيوان ، فكله طاهر ، إلا الخمر ، وكل نبيذ مسكر . وفي النبيذ وجه شاذ مذكور في ( البيان ) أنه طاهر . لاختلاف العلماء في إباحته . وفي الخمر المحترمة وجه شاذ ، وكذا في باطن العنقود المستحيل خمرا وجه أنه طاهر .

                                                                                                                                                                        وأما الحيوانات ، فطاهرة ، إلا الكلب ، والخنزير ، وما تولد من أحدهما . ولنا وجه شاذ ، أن الدود المتولد من الميتة نجس العين ، كولد الكلب ، وهذا الوجه غلط ، والصواب : الجزم بطهارته .

                                                                                                                                                                        وأما الميتات ، فكلها نجسة ، إلا السمك والجراد ، فإنهما طاهران بالإجماع ، وإلا الآدمي ، فإنه طاهر على الأظهر ، وإلا الجنين الذي يوجد ميتا بعد ذكاة أمه ، والصيد الذي لا تدرك ذكاته ، فإنهما طاهران بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        [ ص: 14 ] وأما الميتة التي لا نفس لها سائلة ، كالذباب وغيره . فهل تنجس الماء وغيره من المائعات إذا ماتت فيها ؟ فيه قولان . الأظهر لا تنجسه ، وهذا في حيوان أجنبي من المائع ، أما ما منشؤه فيه ، فلا ينجسه بلا خلاف . فلو أخرج منه وطرح في غيره ، أو رد إليه ، عاد القولان . فإن قلنا : تنجس المائع ، فهي نجسة ، وإن قلنا : لا تنجسه ، فهي أيضا نجسة على قول الجمهور ، وهو المذهب . وقال القفال : ليست بنجسة .

                                                                                                                                                                        ثم لا فرق في الحكم بنجاسة هذا الحيوان بين ما تولد من الطعام ، كدود الخل ، والتفاح ، وما يتولد منه ، كالذباب ، والخنفساء ، لكن يختلفان في تنجيس ما ماتا فيه ، وفي جواز أكله ، فإن غير المتولد ، لا يحل أكله ، وفي المتولد أوجه . الأصح : يحل أكله مع ما تولد منه ، ولا يحل منفردا . والثاني : يحل مطلقا . والثالث : يحرم مطلقا . والأوجه جارية ، سواء قلنا بطهارة هذا الحيوان على قول القفال ، أو بنجاسته على قول الجمهور .

                                                                                                                                                                        [ ص: 15 ] قلت : ولو كثرت الميتة التي لا نفس لها سائلة ، فغيرت الماء أو المائع ، وقلنا : لا تنجسه من غير تغير ، فوجهان مشهوران . الأصح تنجسه ، لأنه متغير بالنجاسة . والثاني : لا تنجسه ، ويكون الماء طاهرا غير مطهر ، كالمتغير بالزعفران . وقال إمام الحرمين : هو كالمتغير بورق الشجر . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية