الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين

                                                                                                                                                                                                                                      لأملأن جهنم على أن الحق إما اسمه تعالى، [ ص: 239 ] أو نقيض الباطل عظمه الله تعالى بإقسامه به، أو فأنا الحق، أو فقولي الحق . وقوله تعالى : لأملأن جهنم . . . إلخ . حينئذ جواب لقسم محذوف، أي : والله لأملأن . . . إلخ . وقوله تعالى : والحق أقول على كل تقدير اعتراض مقرر على الوجهين الأولين لمضمون الجملة القسمية، وعلى الوجه الثالث لمضمون الجملة المتقدمة، أعني فقولي الحق . وقرئا منصوبين على أن الأول مقسم به، كقولك : الله لأفعلن . وجوابه لأملأن وما بينهما اعتراض . وقرئا مجرورين على أن الأول مقسم به قد أضمر حرف قسمه كقولك : الله لأفعلن والحق أقول . على حكاية لفظ المقسم به على تقدير كونه نقيض الباطل، ومعناه التأكيد والتشديد . وقرئ بجر الأول على إضمار حرف القسم، ونصب الثاني على المفعولية . منك أي : من جنسك من الشياطين . وممن تبعك في الغواية والإضلال . منهم ومن ذرية آدم . أجمعين تأكيد للكاف وما عطف عليه، أي : لأملأنها من المتبوعين والأتباع أجمعين . كقوله تعالى : لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين وهذا القول هو المراد بقوله تعالى : ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وحيث كان مناط الحكم ههنا اتباع الشيطان اتضح أن مدار عدم المشيئة في قوله تعالى : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها اتباع الكفرة للشيطان بسوء اختيارهم لا تحقق القول فليس في ذلك شائبة الجبر، فتدبر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية