الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (16) قوله: أأمنتم : قد تقدم اختلاف القراء في الهمزتين المفتوحتين نحو " أأنذرتهم " تحقيقا وتخفيفا وإدخال ألف بينهما وعدمه في البقرة، وأن قنبلا يقرأ هنا بإبدال الهمزة الأولى واوا [ ص: 389 ] في الوصل. فيقول: وإليه النشور و أمنتم وهو على أصله من تسهيل الثانية بين بين وعدم ألف بينهما، وأما إذا ابتدأ فيحقق الأولى ويسهل الثانية بين بين على ما تقدم، ولم يبدل الأولى واوا لزوال موجبه وهو انضمام ما قبلها وهي مفتوحة نحو: موجل ويواخذكم، وهذا قد مضى في سورة الأعراف عند قوله: قال فرعون آمنتم وإنما أعدته بيانا وتذكيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من في السماء ، مفعول "أمنتم"، وفي الكلام حذف مضاف أي: أمنتم خالق من في السماوات. وقيل: "في" بمعنى على أي: على السماء، وإنما احتاج القائل بهذين إلى ذلك لأنه اعتقد أن "من" واقعة على الباري تعالى وهو الظاهر، وثبت بالدليل القطعي أنه ليس بمتحيز لئلا يلزم التجسيم. ولا حاجة إلى ذلك فإن "من" هنا المراد بها الملائكة سكان السماء، وهم الذين يتولون الرحمة والنقمة. وقيل: خوطبوا بذلك على اعتقادهم، فإن القوم كانوا مجسمة مشبهة، والذي تقدم أحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن يخسف و"أن يرسل" فيه وجهان، أحدهما: أنهما بدلان من "من في السماء" بدل اشتمال، أي: أمنتم خسفه وإرساله، كذا قاله أبو البقاء . والثاني: أن يكون على حذف "من" أي: أمنتم من [ ص: 390 ] الخسف والإرسال، والأول أظهر. وقد تقدم أن "نذير" و"نكير" مصدران بمعنى الإنكار والإنذار. وأثبت ورش ياء "نذيري" وقفا وحذفها وصلا، وحذفها الباقون في الحالين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية