الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (19) قوله: صافات : يجوز أن يكون حالا من "الطير" وأن يكون حالا من ضمير "فوقهم" إذا جعلناه حالا فتكون متداخلة. و"فوقهم" ظرف لصافات على الأولى أو لـ "يروا".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ويقبضن عطف الفعل على الاسم لأنه بمعناه أي: وقابضات، فالفعل هنا مؤول بالاسم عكس قوله: إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا فإن الاسم هناك مؤول بالفعل. وقد تقدم الاعتراض على ذلك. وقول أبي البقاء: "معطوف على اسم الفاعل، حملا على المعنى أي: يصففن ويقبضن أي: صافات وقابضات" لا حاجة إلى تقديره: يصففن ويقبضن; لأن الموضع للاسم فلا نؤوله بالفعل. وقال الشيخ : وعطف الفعل على الاسم لما كان في معناه، ومثله قوله تعالى: فالمغيرات صبحا فأثرن عطف الفعل على الاسم لما كان المعنى: فاللاتي أغرن فأثرن، ومثل هذا العطف فصيح وكذا عكسه، إلا عند السهيلي فإنه قبيح نحو قوله: [ ص: 391 ]

                                                                                                                                                                                                                                      4288 - بات يغشيها بعضب باتر يقصد في أسوقها وجائر



                                                                                                                                                                                                                                      أي: قاصد في أسوقها وجائر. انتهى، هو مثله في عطف الفعل على اسم، إلا أن الاسم فيه مؤول بالفعل عكس هذه الآية. ومفعول "يقبضن" محذوف أي: ويقبضن أجنحتهن، قاله أبو البقاء ولم يقدر لـ "صافات" مفعولا كأنه زعم أن الاصطفاف في أنفسها أي: مصطفة. والظاهر أن المعنى: صافات أجنحتها وقابضتها، فالصف والقبض منها لأجنحتها.

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك قال الزمخشري : "صافات باسطات أجنحتهن" ثم قال: فإن قلت لم قال: ويقبضن ولم يقل: وقابضات؟ قلت: لأن الطيران هو صف الأجنحة; لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها، وأما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك، فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات، ويكون منهن القبض تارة بعد تارة، كما يكون من السابح.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ما يمسكهن يجوز أن تكون الجملة مستأنفة، وأن تكون حالا من الضمير في "يقبضن" قاله أبو البقاء ، والأول هو الظاهر. وقرأ الزهري بتشديد السين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية