الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ( 40 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ما كان أيها الناس محمد أبا زيد بن حارثة ، ولا أبا أحد من رجالكم الذين لم يلده محمد ؛ فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها ، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين ، الذي ختم النبوة فطبع عليها ، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة ، وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك ذا علم لا يخفى عليه شيء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) قال : نزلت في زيد ، إنه لم يكن بابنه ، ولعمري ولقد ولد له ذكور ؛ إنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر ( ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) أي : آخرهم ( وكان الله بكل شيء عليما ) .

حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا علي بن قادم قال : ثنا سفيان ، عن [ ص: 279 ] نسير بن ذعلوق ، عن علي بن الحسين في قوله ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) قال : نزلت في زيد بن حارثة ، والنصب في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعنى تكرير كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والرفع بمعنى الاستئناف ؛ ولكن هو رسول الله ، والقراءة النصب عندنا .

واختلفت القراء في قراءة قوله ( وخاتم النبيين ) فقرأ ذلك قراء الأمصار سوى الحسن وعاصم بكسر التاء من خاتم النبيين ، بمعنى : أنه ختم النبيين . ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله ( ولكن نبيا ختم النبيين ) فذلك دليل على صحة قراءة من قرأه بكسر التاء ، بمعنى : أنه الذي ختم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - وعليهم ، وقرأ ذلك فيما يذكر الحسن وعاصم ( خاتم النبيين ) بفتح التاء ، بمعنى : أنه آخر النبيين ، كما قرأ ( مختوم خاتمه مسك ) بمعنى : آخره مسك من قرأ ذلك كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية