الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5059 باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف

                                                                                                                              وذكره النووي، في: (الكتاب السابق).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 169 ج 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إن أهل الجنة، ليتراءون: أهل الغرف، من فوقهم، كما تتراءون: الكوكب الدري، الغابر من الأفق - من المشرق أو المغرب -، لتفاضل ما بينهم».

                                                                                                                              قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم ؟ قال: «بلى. والذي نفسي بيده! رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين»).


                                                                                                                              [ ص: 159 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 159 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه ؛ (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم ؛ قال: إن أهل الجنة، ليتراءون) أي: يرى بعضهم بعضا.

                                                                                                                              (أهل الغرف): بضم الغين، وفتح الراء. جمع «غرفة»، بالضم، والسكون. وهو «القصر الرفيع».

                                                                                                                              وقيل: الجنة طبقات. أعاليها: للسابقين. وأوساطها: للمقتصدين. وأسافلها: للمخلطين.

                                                                                                                              (من فوقهم، كما يتراءون: الكوكب الدري، الغابر من الأفق - من المشرق، أو المغرب - لتفاضل ما بينهم).

                                                                                                                              هكذا هو في عامة النسخ: «من الأفق». وقال عياض: لفظة «من» لابتداء الغاية.

                                                                                                                              ووقع في رواية البخاري: «في الأفق» قال بعضهم: وهو الصواب.

                                                                                                                              [ ص: 160 ] قال «ابن القيم»: وهو أبين. قال: وفي التمثيل به دون الكوكب المسامت للرأس ، وهو أعلى -: فائدتان ؛ إحداهما: بعده عن العيون.

                                                                                                                              والثانية: أن الجنة درجات، بعضها أعلى من بعض. وإن لم تسامت العليا: السفلى. كالبساتين الممتدة: من رأس الجبل، إلى ذيله. والله أعلم. انتهى.

                                                                                                                              وذكر بعضهم: أن «من» في رواية «مسلم»: لانتهاء الغاية. وقد جاءت كذلك، كقولهم: «رأيت الهلال، من خلل السحاب». قال: وهذا صحيح. ولكن حملهم لفظة «من» هنا، على «انتهاء الغاية»: غير مسلم. بل هي على بابها.

                                                                                                                              أي كان ابتداء رؤيته إياه: رؤيته من خلل السحاب، ومن الأفق.

                                                                                                                              قال: وقد جاء في رواية، عن ابن ماهان ؛ «على الأفق الغربي.

                                                                                                                              ومعنى «الغابر»: الذاهب، الماشي. أي الذي تدلى للغروب، وبعد عن العيون.

                                                                                                                              قال السيد: «الغابر» بالباء، من «الغبور». أي: الباقي، عند انتشار ضوء الفجر. فإنما يستنير عند ذلك الوقت: الكوكب الدري.

                                                                                                                              [ ص: 161 ] ويروى: «الغائر» بالهمز. من «الغور» أي: الذاهب في الأفق البعيد.

                                                                                                                              وقيل: هذه الرواية تصحيف، بلا شك. انتهى.

                                                                                                                              وروي في غير صحيح مسلم: «الغارب بتقديم الراء. وهو بمعنى ما ذكرناه.

                                                                                                                              وروي «العازب» بالعين، والزاي. ومعناه: البعيد في الأفق. وكلها راجعة إلى معنى واحد. قاله النووي.

                                                                                                                              وكلمة «أو) هي الموجودة: في كتاب مسلم، وفي شرح السنة، وجامع الأصول، ورياض الصالحين. قال السيد: وهو الأولى.

                                                                                                                              وفي نسخ المصابيح: «من المشرق والمغرب»..

                                                                                                                              وإنما ذكر «المشرق أو المغرب» دون السماء، لأن المقصود: البعد، والإنارة، معا.

                                                                                                                              (قالوا: يا رسول الله ! تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم ؟ قال: «بلى. والذي نفسي بيده ! رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين»).

                                                                                                                              . وهذا الحديث متفق عليه.

                                                                                                                              [ ص: 162 ] وفي الباب أحاديث، ذكرها «ابن القيم» في «الحادي».

                                                                                                                              وفي المسند، من حديث «أبي سعيد» يرفعه: «إن المتحابين لترى غرفهم، في الجنة، كالكوكب الطالع ؛ الشرقي أو الغربي. فيقال: من هؤلاء ؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله، عز وجل»




                                                                                                                              الخدمات العلمية