الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (22) قوله: مكبا : حال من فاعل "يمشي" . و"أكب" مطاوع كبه يقال: كببته فأكب. قال الزمخشري : "هو من الغرائب والشواذ ونحوه: قشعت الريح السحاب فأقشع، ولا شيء من بناء أفعل مطاوعا، ولا يتقن نحو هذا إلا حملة كتاب سيبويه ، وإنما أكب، من باب أنفض وألام، ومعناه: دخل في الكب وصار ذا كب، وكذلك أقشع السحاب: دخل في القشع، ومطاوع كب وقشع انكب وانقشع".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ : "ومكبا" حال من "أكب" وهو لا يتعدى، وكب متعد قال تعالى: فكبت وجوههم في النار والهمزة للدخول في الشيء [ ص: 393 ] أو للصيرورة ومطاوع كب: انكب. تقول: كببته فانكب. قال الزمخشري : "ولا شيء من بناء "أفعل" إلى قوله: كتاب سيبويه ". انتهى، وهذا الرجل كثير التبجح بكتاب سيبويه ، وكم من نص في كتاب سيبويه عمي بصره وبصيرته عنه، حتى إن الإمام أبا الحجاج يوسف بن معزوز صنف كتابا، يذكر فيه ما غلط الزمخشري فيه وما جهله من كتاب سيبويه . انتهى ما قاله الشيخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وانظر إلى هذا الرجل: كيف أخذ كلامه الذي أسلفته عنه، طرز به عبارته حرفا بحرف، ثم أخذ ينحي عليه بإساءة الأدب، جزاء ما لقنه تلك الكلمات الرائعة وجعله يقول: إن مطاوع كب انكب لا أكب وإن الهمزة في أكب للصيرورة، أو للدخول في الشيء، وبالله لو بقي دهره غير ملقن إياها لما قالها أبدا، ثم أخذ يذكر عن إنسان مع أبي القاسم كالسها مع القمر أنه غلطه في نصوص كتاب سيبويه ، الله أعلم بصحتها. [قال الشاعر:]


                                                                                                                                                                                                                                      4289- وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم



                                                                                                                                                                                                                                      وعلى تقدير التسليم فالفاضل من عدت سقطاته. [ ص: 394 ] وقوله: أمن يمشي هو المعادل لـ أفمن يمشي مكبا . وقال أبو البقاء : و "أهدى" خبر "من يمشي"، وخبر "من" الثانية محذوف، يعني: أن الأصل: أمن يمشي سويا أهدى، ولا حاجة إلى ذلك، لأن قوله: "أزيد قائم أم عمرو" لا يحتاج فيه من حيث الصناعة إلى حذف الخبر، بل تقول: هو معطوف على "زيد" عطف المفردات، ووحد الخبر لأن "أم" لأحد الشيئين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية