. قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولو كان نظرت فإن أخره لعذر اتصل بالموت - لم يجب عليه شيء ; لأنه فرض لم يتمكن من فعله إلى الموت فسقط حكمه كالحج ، وإن زال العذر وتمكن فلم يصمه حتى مات أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام عن كل يوم ، ومن أصحابنا من قال : فيه قول آخر أنه يصام عنه لما روت عليه قضاء شيء من رمضان فلم يصم حتى مات رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } ولأنه عبادة تجب بإفسادها الكفارة ، فجاز أن يقضى عنه بعد الموت كالحج ، والمنصوص في الأم هو الأول وهو الصحيح ، والدليل عليه ما روى من مات [ ص: 414 ] وعليه صيام صام عنه وليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } ولأنه عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة فلا تدخلها النيابة بعد الموت كالصلاة . من مات وعليه صيام فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين
( فإن قلنا ) [ إنه يصام عنه فصام عنه ] وليه أجزأه ، فإن أمر أجنبيا فصام عنه بأجرة أو بغير أجرة أجزأه كالحج ، وإن قلنا : يطعم عنه ، نظرت فإن مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه عن كل يوم مسكين ، وإن مات بعد ما أدركه رمضان آخر ففيه وجهان : ( أحدهما ) يلزمه مدان مد للصوم ، ومد للتأخير .
( والثاني ) يكفيه مد واحد للتأخير ; لأنه إذا أخرج مدا للتأخير زال التفريط بالمد ، فيصير كما لو أخره بغير تفريط فلا تلزمه كفارة ) .
- فرع حكم صوم النذر والكفارة وجميع أنواع الصوم الواجب إذا مات ولم يؤدها
- فرع صام عنه ثلاثون إنسانا في يوم واحد هل يجزئه عن صوم جميع رمضان
- فرع هل يصام عن أحد في حياته
- فرع من مات وعليه صلاة أو اعتكاف
- فرع حكم الفدية وبيانها
- فرع في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم
- فرع مذاهب العلماء فيمن تمكن من صوم رمضان فلم يصمه حتى مات
التالي
السابق
( الشرح ) حديث رواه عائشة البخاري ، وحديث ومسلم رواه ابن عمر الترمذي ، وقال : هو غريب ، قال : والصحيح أنه موقوف على من قوله . وقول ابن عمر المصنف : عبادة تجب بإفسادها الكفارة احتراز من الصلاة ( وقوله ) عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة ، احتراز من الحج في حق المعضوب .
( أما حكم المسألة ) فقال أصحابنا : من فله حالان : ( أحدهما ) أن يكون معذورا في تفويت الأداء ودام عذره إلى الموت كمن اتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت لم يجب شيء على ورثته ، ولا في تركته لا صيام ولا إطعام ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، ودليله ما ذكره مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه المصنف من القياس على الحج . [ ص: 415 ] الحال الثاني ) أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره ، ولا يقضيه حتى يموت ، ففيه قولان مشهوران ( أشهرهما وأصحهما ) عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركته لكل يوم مد من طعام ، ولا يصح صيام وليه عنه ، قال القاضي في المجرد : هذا هو المنصوص أبو الطيب في كتبه الجديدة ، وأكثر القديمة ( والثاني ) وهو القديم وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار ، أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت ، ولكن يلزم الولي الصوم ، بل هو إلى خيرته ، ودليلهما في الكتاب ، وسأفرد له فرعا أبسط أدلته فيه إن شاء الله . للشافعي
قال المصنف والأصحاب : فإذا قلنا بالقديم فأمر الولي أجنبيا فصام عن الميت بأجرة أو بغيرها ، جاز بلا خلاف كالحج ، ولو صام الأجنبي مستقلا به من غير إذن الولي فوجهان مشهوران ( أصحهما ) لا يجزئه ، قال صاحب البيان : وهذا هو المشهور في المذهب ، وقد أشار إليه المصنف بقوله : وإن أمر أجنبيا ، وأما المراد بالولي الذي يصوم عنه وليه . وقال صاحب الحاوي : مذهب في القديم والجديد أنه يطعم عنه ولا يصام عنه ، قال وحكى بعض أصحابنا عن القديم أنه يصوم عنه وليه ; لأنه . قال فيه : قد روي لك في ذلك خبر ، فإن صح قلت به ، فجعله قولا ثانيا قال : وأنكر سائر أصحابنا أن يكون صوم الولي عنه مذهبا الشافعي رضي الله عنه وتأولوا الأحاديث الواردة { للشافعي } إن صح على أن المراد الإطعام ، أي يفعل عنه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام ، وفرقوا بينه وبين الحج بأن الحج تدخله النيابة في الحياة ولا تدخل الصوم النيابة في الحياة بلا خلاف هذا هو المشهور عند الأصحاب . من مات وعليه صوم صام عنه وليه
( القول الثاني ) وهو القديم أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ولا يلزمه ذلك ، وعلى هذا القول لو أطعم عنه جاز ، فهو على القديم مخير بين الصيام والإطعام ، هكذا نقله وغيره وهو متفق عليه [ ص: 416 ] على القديم وهذا القديم هو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث ، واستدلوا له بالأحاديث الصحيحة ( منها ) حديث البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم { عائشة } رواه من مات وعليه صيام صام عنه وليه البخاري . وعن ومسلم قال : { ابن عباس } رواه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم ، قال : فدين الله أحق أن يقضى البخاري . ومسلم
وعن أيضا قال : { ابن عباس } رواه جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفأصوم عنها ؟ قال : أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها ؟ قالت : نعم ، قال : فصومي عن أمك ورواه مسلم أيضا تعليقا بمعناه . وعن البخاري بريدة قال : { } رواه بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت : يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية ، وإنها ماتت فقال : وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت : يا رسول الله ، إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال : صومي عنها ، قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال : حجي عنها . مسلم
وعن { ابن عباس } رواه أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها أبو داود وغيره بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين ، وفي المسألة أحاديث غير ما ذكرته ، وروى في السنن الكبرى هذه الأحاديث ، وأحاديث كثيرة بمعناها ، ثم قال : فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيام ، قال : وكان البيهقي قال في القديم : قد روي في الصوم عن الميت شيء فإن كان ثابتا صيم عنه كما يحج عنه . وأما في الجديد فقال : روى الشافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه يصوم عنه وليه " قال : وإنما نأخذ به ; لأن ابن عباس الزهري روى عن عبيد الله بن عبد الله عن عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 417 ] نذرا ولم يسمه مع حفظ ابن عباس الزهري وطول مجالسة عبيد الله بن عباس ، فلما روى غيره عن رجل عن غير ما في حديث ابن عباس عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا . قال : يعني به حديث البيهقي عن الشافعي عن مالك الزهري عن عبيد الله بن عباس { استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها نذر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقضه عنها سعد بن عبادة } قال أن : وهذا الحديث صحيح رواه البيهقي البخاري من رواية ومسلم وغيره عن مالك الزهري ، إلا أن في رواية عن سعيد بن جبير { ابن عباس } يعني عن الصوم عن أمها ، وكذلك رواه أن امرأة سألت الحكم بن عتيبة عن وسلمة بن كهيل مجاهد وعطاء عن وسعيد بن جبير ، ورواه ابن عباس عكرمة عن ورواه ابن عباس بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال أيضا في معرفة السنن والآثار : قد ثبت جواز قضاء الصوم عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس ، وفي رواية أكثرهم " أن امرأة سألت " وقد ثبت الصوم عنه من رواية البيهقي ورواية عائشة بريدة ثم قال في الكتابين : فالأشبه أن تكون قصة السؤال فيها عن الصيام بعينه غير قصة البيهقي ، التي سأل فيها عن نذر مطلق ، كيف وقد ثبت الصوم عنه بحديث سعد بن عبادة وحديث عائشة بريدة . قال : وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث البيهقي بما روى عن ابن عباس ، عن يزيد بن زريع حجاج الأحول عن أيوب بن موسى عن عن عطاء قال : { ابن عباس } . وفي رواية عن لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه أنه في صيام رمضان يطعم عنه ، وفي النذر يصوم عنه وليه قال : ورأيت بعضهم ضعف حديث ابن عباس بما روي عن عائشة عمارة بن عمير عن امرأة عن في امرأة ماتت وعليها صوم قالت : يطعم عنها ، وروي عن عائشة عائشة " لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم " قال : وليس فيما ذكروا ما يوجب ضعف الحديث في الصيام عنه ; لأن من يجوز الصيام عن الميت يجوز [ ص: 418 ] الإطعام عنه ، قال : وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر ، والأحاديث المرفوعة أصح إسنادا وأشهر رجالا ، وقد أودعها صاحبا الصحيحين كتابيهما ، ولو وقف البيهقي على جميع طرقها ونظائرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى . هذا آخر كلام الشافعي . البيهقي
( قلت ) الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب ; للأحاديث الصحيحة السابقة ، ولا معارض لها ويتعين أن يكون هذا مذهب ; لأنه قال : " إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له " وقد صحت في المسألة أحاديث كما سبق ، الشافعي إنما وقف على حديث والشافعي من بعض طرقه كما سبق ، ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث ابن عباس بريدة ، وحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف ذلك كما قال عائشة فيما قدمناه عنه في آخر كلامه ، فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة فيتعين العمل بها لعدم المعارض لها . وأما حديث البيهقي في الإطعام عنه فقد سبق قول ابن عمر الترمذي فيه أنه لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح أنه موقوف على . وكذا قال ابن عمر وغيره من الحفاظ : لا يصح مرفوعا ، وإنما هو من كلام البيهقي ، وإنما رفعه ابن عمر محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عن نافع { ابن عمر } قال عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يموت وعليه رمضان لم يقضه ، قال : يطعم عنه لكل يوم نصف صاع بر : هذا خطأ من وجهين ( أحدهما ) رفعه ، وإنما هو موقوف ( الثاني ) قوله ( نصف صاع ) فإنما قال البيهقي مدا من حنطة . ابن عمر
( قلت ) وقد اتفقوا على تضعيف محمد بن أبي ليلى ، وأنه لا يحتج بروايته ، وإن كان إماما في الفقه . وأما ما حكاه [ ص: 419 ] عن بعض أصحابنا من تضعيف حديث البيهقي ابن عباس بمخالفتهما لروايتهما فغلط من زاعمه ; لأن عمل العالم وفتياه بخلاف حديث رواه لا يوجب ضعف الحديث ولا يمنع الاستدلال به ، وهذه قاعدة معروفة في كتب المحدثين والأصوليين لا سيما وحديثاهما في إثبات الصوم عن الميت في الصحيح والرواية عن وعائشة في فتياها من عند نفسها بمنع الصوم ضعيف لم يحتج به لو لم يعارضها شيء ، كيف وهي مخالفة للأحاديث الصحيحة . وأما تأويل من تأول من أصحابنا " صام عنه وليه " أي أطعم بدل الصيام ، فتأويل باطل يرده باقي الأحاديث . عائشة
( فرع ) إذا قلنا : لا يصام عن الميت بل يطعم عنه ، فإن مات قبل رمضان الثاني أطعم عنه لكل يوم مد من طعام بلا خلاف عندنا ، وإن مات بعد مجيء رمضان الثاني فوجهان حكاهما المصنف والأصحاب وهما مشهوران ذكر المصنف دليلهما ( أحدهما ) قاله ابن سريج يطعم لكل يوم مد ( وأصحهما ) عن كل يوم مدان ، وبه قال جمهور أصحابنا المتقدمين ، واتفق المتأخرون على تصحيحه ، وقد سبقت هذه المسألة واضحة مع نظائرها قبل هذا الفصل بقليل ، وسبق تفريع كثير على القولين .
( أما حكم المسألة ) فقال أصحابنا : من فله حالان : ( أحدهما ) أن يكون معذورا في تفويت الأداء ودام عذره إلى الموت كمن اتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت لم يجب شيء على ورثته ، ولا في تركته لا صيام ولا إطعام ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، ودليله ما ذكره مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه المصنف من القياس على الحج . [ ص: 415 ] الحال الثاني ) أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره ، ولا يقضيه حتى يموت ، ففيه قولان مشهوران ( أشهرهما وأصحهما ) عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركته لكل يوم مد من طعام ، ولا يصح صيام وليه عنه ، قال القاضي في المجرد : هذا هو المنصوص أبو الطيب في كتبه الجديدة ، وأكثر القديمة ( والثاني ) وهو القديم وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار ، أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت ، ولكن يلزم الولي الصوم ، بل هو إلى خيرته ، ودليلهما في الكتاب ، وسأفرد له فرعا أبسط أدلته فيه إن شاء الله . للشافعي
قال المصنف والأصحاب : فإذا قلنا بالقديم فأمر الولي أجنبيا فصام عن الميت بأجرة أو بغيرها ، جاز بلا خلاف كالحج ، ولو صام الأجنبي مستقلا به من غير إذن الولي فوجهان مشهوران ( أصحهما ) لا يجزئه ، قال صاحب البيان : وهذا هو المشهور في المذهب ، وقد أشار إليه المصنف بقوله : وإن أمر أجنبيا ، وأما المراد بالولي الذي يصوم عنه وليه . وقال صاحب الحاوي : مذهب في القديم والجديد أنه يطعم عنه ولا يصام عنه ، قال وحكى بعض أصحابنا عن القديم أنه يصوم عنه وليه ; لأنه . قال فيه : قد روي لك في ذلك خبر ، فإن صح قلت به ، فجعله قولا ثانيا قال : وأنكر سائر أصحابنا أن يكون صوم الولي عنه مذهبا الشافعي رضي الله عنه وتأولوا الأحاديث الواردة { للشافعي } إن صح على أن المراد الإطعام ، أي يفعل عنه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام ، وفرقوا بينه وبين الحج بأن الحج تدخله النيابة في الحياة ولا تدخل الصوم النيابة في الحياة بلا خلاف هذا هو المشهور عند الأصحاب . من مات وعليه صوم صام عنه وليه
( القول الثاني ) وهو القديم أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ولا يلزمه ذلك ، وعلى هذا القول لو أطعم عنه جاز ، فهو على القديم مخير بين الصيام والإطعام ، هكذا نقله وغيره وهو متفق عليه [ ص: 416 ] على القديم وهذا القديم هو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث ، واستدلوا له بالأحاديث الصحيحة ( منها ) حديث البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم { عائشة } رواه من مات وعليه صيام صام عنه وليه البخاري . وعن ومسلم قال : { ابن عباس } رواه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم ، قال : فدين الله أحق أن يقضى البخاري . ومسلم
وعن أيضا قال : { ابن عباس } رواه جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفأصوم عنها ؟ قال : أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها ؟ قالت : نعم ، قال : فصومي عن أمك ورواه مسلم أيضا تعليقا بمعناه . وعن البخاري بريدة قال : { } رواه بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت : يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية ، وإنها ماتت فقال : وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت : يا رسول الله ، إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال : صومي عنها ، قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال : حجي عنها . مسلم
وعن { ابن عباس } رواه أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها أبو داود وغيره بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين ، وفي المسألة أحاديث غير ما ذكرته ، وروى في السنن الكبرى هذه الأحاديث ، وأحاديث كثيرة بمعناها ، ثم قال : فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيام ، قال : وكان البيهقي قال في القديم : قد روي في الصوم عن الميت شيء فإن كان ثابتا صيم عنه كما يحج عنه . وأما في الجديد فقال : روى الشافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه يصوم عنه وليه " قال : وإنما نأخذ به ; لأن ابن عباس الزهري روى عن عبيد الله بن عبد الله عن عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 417 ] نذرا ولم يسمه مع حفظ ابن عباس الزهري وطول مجالسة عبيد الله بن عباس ، فلما روى غيره عن رجل عن غير ما في حديث ابن عباس عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا . قال : يعني به حديث البيهقي عن الشافعي عن مالك الزهري عن عبيد الله بن عباس { استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها نذر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقضه عنها سعد بن عبادة } قال أن : وهذا الحديث صحيح رواه البيهقي البخاري من رواية ومسلم وغيره عن مالك الزهري ، إلا أن في رواية عن سعيد بن جبير { ابن عباس } يعني عن الصوم عن أمها ، وكذلك رواه أن امرأة سألت الحكم بن عتيبة عن وسلمة بن كهيل مجاهد وعطاء عن وسعيد بن جبير ، ورواه ابن عباس عكرمة عن ورواه ابن عباس بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال أيضا في معرفة السنن والآثار : قد ثبت جواز قضاء الصوم عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس ، وفي رواية أكثرهم " أن امرأة سألت " وقد ثبت الصوم عنه من رواية البيهقي ورواية عائشة بريدة ثم قال في الكتابين : فالأشبه أن تكون قصة السؤال فيها عن الصيام بعينه غير قصة البيهقي ، التي سأل فيها عن نذر مطلق ، كيف وقد ثبت الصوم عنه بحديث سعد بن عبادة وحديث عائشة بريدة . قال : وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث البيهقي بما روى عن ابن عباس ، عن يزيد بن زريع حجاج الأحول عن أيوب بن موسى عن عن عطاء قال : { ابن عباس } . وفي رواية عن لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه أنه في صيام رمضان يطعم عنه ، وفي النذر يصوم عنه وليه قال : ورأيت بعضهم ضعف حديث ابن عباس بما روي عن عائشة عمارة بن عمير عن امرأة عن في امرأة ماتت وعليها صوم قالت : يطعم عنها ، وروي عن عائشة عائشة " لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم " قال : وليس فيما ذكروا ما يوجب ضعف الحديث في الصيام عنه ; لأن من يجوز الصيام عن الميت يجوز [ ص: 418 ] الإطعام عنه ، قال : وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر ، والأحاديث المرفوعة أصح إسنادا وأشهر رجالا ، وقد أودعها صاحبا الصحيحين كتابيهما ، ولو وقف البيهقي على جميع طرقها ونظائرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى . هذا آخر كلام الشافعي . البيهقي
( قلت ) الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب ; للأحاديث الصحيحة السابقة ، ولا معارض لها ويتعين أن يكون هذا مذهب ; لأنه قال : " إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له " وقد صحت في المسألة أحاديث كما سبق ، الشافعي إنما وقف على حديث والشافعي من بعض طرقه كما سبق ، ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث ابن عباس بريدة ، وحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف ذلك كما قال عائشة فيما قدمناه عنه في آخر كلامه ، فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة فيتعين العمل بها لعدم المعارض لها . وأما حديث البيهقي في الإطعام عنه فقد سبق قول ابن عمر الترمذي فيه أنه لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح أنه موقوف على . وكذا قال ابن عمر وغيره من الحفاظ : لا يصح مرفوعا ، وإنما هو من كلام البيهقي ، وإنما رفعه ابن عمر محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عن نافع { ابن عمر } قال عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يموت وعليه رمضان لم يقضه ، قال : يطعم عنه لكل يوم نصف صاع بر : هذا خطأ من وجهين ( أحدهما ) رفعه ، وإنما هو موقوف ( الثاني ) قوله ( نصف صاع ) فإنما قال البيهقي مدا من حنطة . ابن عمر
( قلت ) وقد اتفقوا على تضعيف محمد بن أبي ليلى ، وأنه لا يحتج بروايته ، وإن كان إماما في الفقه . وأما ما حكاه [ ص: 419 ] عن بعض أصحابنا من تضعيف حديث البيهقي ابن عباس بمخالفتهما لروايتهما فغلط من زاعمه ; لأن عمل العالم وفتياه بخلاف حديث رواه لا يوجب ضعف الحديث ولا يمنع الاستدلال به ، وهذه قاعدة معروفة في كتب المحدثين والأصوليين لا سيما وحديثاهما في إثبات الصوم عن الميت في الصحيح والرواية عن وعائشة في فتياها من عند نفسها بمنع الصوم ضعيف لم يحتج به لو لم يعارضها شيء ، كيف وهي مخالفة للأحاديث الصحيحة . وأما تأويل من تأول من أصحابنا " صام عنه وليه " أي أطعم بدل الصيام ، فتأويل باطل يرده باقي الأحاديث . عائشة
( فرع ) إذا قلنا : لا يصام عن الميت بل يطعم عنه ، فإن مات قبل رمضان الثاني أطعم عنه لكل يوم مد من طعام بلا خلاف عندنا ، وإن مات بعد مجيء رمضان الثاني فوجهان حكاهما المصنف والأصحاب وهما مشهوران ذكر المصنف دليلهما ( أحدهما ) قاله ابن سريج يطعم لكل يوم مد ( وأصحهما ) عن كل يوم مدان ، وبه قال جمهور أصحابنا المتقدمين ، واتفق المتأخرون على تصحيحه ، وقد سبقت هذه المسألة واضحة مع نظائرها قبل هذا الفصل بقليل ، وسبق تفريع كثير على القولين .
( فرع ) حكم سواء في جميع ما ذكرناه ، ففي الجديد يطعم عنه لكل يوم مد ، وفي القديم للولي أن يطعم عنه وله أن يصوم عنه كما سبق ، والصحيح هو القديم كما سبق . صوم النذر والكفارة وجميع أنواع الصوم الواجب
( فرع ) إذا قلنا : إنه يجوز صوم الولي ؟ فهذا مما لم أر لأصحابنا كلاما فيه ، وقد ذكر فصام عنه ثلاثون إنسانا في يوم واحد هل يجزئه عن صوم جميع رمضان في صحيحه عن البخاري أنه يجزئه ، وهذا هو الظاهر الذي نعتقده . الحسن البصري
( فرع ) قال أصحابنا وغيرهم : بلا خلاف ، سواء كان عاجزا أو قادرا . ولا يصام عن أحد في حياته
[ ص: 420 ] ( فرع ) لو ، لم يفعلهما عنه وليه ، مات وعليه صلاة أو اعتكاف . هذا هو المشهور في المذهب والمعروف من نصوص ولا يسقط عنه بالفدية صلاة ولا اعتكاف في الأم وغيره . نقل الشافعي عن البويطي أنه قال في الاعتكاف : يعتكف عنه وليه . وفي رواية يطعم عنه . قال الشافعي البغوي : ولا يبعد تخريج هذا في الصلاة فيطعم عن كل صلاة مد ، فإذا قلنا بالإطعام في الاعتكاف فالقدر المقابل بالمد هو اعتكاف يوم بليلته . هكذا ذكره إمام الحرمين عن نقل شيخه . ثم قال الإمام وهو مشكل ، فإن اعتكاف لحظة عبادة تامة . ونقل صاحب البيان في آخر كتاب الاعتكاف أن الصيدلاني حكى أنه يطعم في الاعتكاف عنه لكل يوم مسكين ، قال : ولم أجد هذا لغير الصيدلاني .
( فرع ) في ، سواء الفدية المخرجة عن الميت والمرضع والحامل والشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه ، ومن عصى بتأخير قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر ، ومن أفطر عمدا وألزمناه الفدية على وجه ضعيف ، وغيرهم ممن تلزمه فدية الصوم وهي مد من طعام لكل يوم جنسه جنس زكاة الفطر ، فيعتبر غالب قوت بلده في أصح الأوجه ، وفي الثاني : قوت نفسه ، وفي الثالث : يتخير بين جميع الأقوات ويجيء فيه الخلاف والتفريع السابق هناك ، ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الحب المعيب ولا القيمة ، ولا غير ذلك مما سبق هناك . ومصرفها الفقراء أو المساكين ، وكل مد منها منفصل عن غيره ، فيجوز صرف أمداد كثيرة عن الشخص الواحد والشهر الواحد إلى مسكين واحد أو فقير واحد ، بخلاف إمداد الكفارة فإنه يجب صرف كل مد إلى مسكين ولا يصرف إلى مسكين من كفارة واحدة مدان ، لأن الكفارة شيء واحد وأما الفدية عن أيام رمضان فكل يوم مستقبل بنفسه لا يفسد بفساد ما قبله ولا ما بعده ، وممن صرح بمعنى هذه الجملة حكم الفدية وبيانها البغوي والرافعي .
[ ص: 421 ] فرع في فاته بمرض أو سفر أو غيرهما من الأعذار ولم يتمكن من قضائه حتى مات . ذكرنا أن مذهبنا أنه لا شيء عليه ولا يصام عنه ولا يطعم عنه بلا خلاف عندنا . وبه قال مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم أبو حنيفة والجمهور . قال ومالك العبدري : وهو قول العلماء كافة إلا طاوسا فقالا : يجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين ; لأنه عاجز فأشبه الشيخ الهرم . واحتج وقتادة وغيره من أصحابنا لمذهبنا بحديث البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } رواه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم البخاري واحتجوا أيضا بالقياس على الحج كما ذكره ومسلم المصنف ، وفرقوا بينه وبين الشيخ الهرم بأن الشيخ عامر الذمة ومن أهل العبادات بخلاف الميت .
فرع في مذاهبهم فيمن قد ذكرنا أن في مذهبنا قولين ( أشهرهما ) يطعم عنه كل يوم مد من طعام ( وأصحهما ) في الدليل يصوم عنه وليه ، وممن قال بالصيام عنه تمكن من صوم رمضان فلم يصمه حتى مات . طاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور . وقال وداود ابن عباس وأحمد وإسحاق : يصام عنه صوم النذر ، ويطعم عن صوم رمضان . وقال ابن عباس وابن عمر وعائشة ومالك وأبو حنيفة : يطعم عنه ، ولا يجوز الصيام عنه ، لكن حكى والثوري عن ابن المنذر ابن عباس أنه يطعم عن كل يوم مدان . والثوري
فرع في مسائل تتعلق بكتاب الصيام : ( إحداها ) يستحب أن بما رواه يدعو عند رؤية الهلال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { طلحة بن عبيد الله } رواه كان إذا رأى الهلال قال : اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله الترمذي وقال حديث حسن ، وعن [ ص: 422 ] قال : { ابن عمر } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : الله أكبر ، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى ، ربنا وربك الله الدارمي في مسنده ، وروى أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن قال : بلغني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان { قتادة } هكذا رواه عن إذا رأى الهلال قال : هلال خير ورشد ، هلال خير ورشد آمنت بالذي خلقك - ثلاث مرات - ثم يقول : الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا مرسلا ، وفي المسألة أذكار أخر ذكرتها في كتاب الأذكار . قتادة
( الثانية ) يستحب ، لحديث للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } رواه ثلاث لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر والإمام العادل والمظلوم الترمذي ، قال وابن ماجه الترمذي : حديث حسن ، وهكذا الرواية حتى - بالتاء - المثناة فوق ، فيقتضي استحباب دعاء الصائم من أول اليوم إلى آخره ; لأنه يسمى صائما في كل ذلك .
( الثالثة ) عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي بكرة لا يقول أحدكم : إني صمت رمضان كله وقمته } ، فلا أدري أكره التزكية أو قال : لا بد من نومة أو رقدة " رواه أبو داود بأسانيد حسنة أو صحيحة ، وممن ذكره من أصحابنا صاحب البيان . والنسائي
( الرابعة ) قال المصنف في التنبيه وغيره من أصحابنا : ; لحديث يكره صمت يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة رضي الله عنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : { علي } رواه لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل أبو داود بإسناد حسن .
وعن قال : " دخل قيس بن أبي حازم رضي الله عنه على امرأة من أبو بكر الصديق أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم ، فقال : ما لها لا تتكلم ؟ فقالوا : حجت مصمتة ، فقال لها : تكلمي فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت " رواه في صحيحه . [ ص: 423 ] قوله : امرأة من أحمس هو - بالحاء والسين المهملتين - وهي قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي ، قال البخاري في معالم السنن في تفسير الحديث الأول : كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات ، وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق ، فنهوا - يعني في الإسلام - عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير . هذا كلام الخطابي ، وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم أن الصمت إلى الليل مكروه . وقال صاحب التتمة في هذا الباب : جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة ، وليس له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان ، لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة الخطابي زكريا عليه السلام { إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا : شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهي ، جعل ذلك قربة ، ومن قال : شرع من قبلنا لا يلزمنا ، قال : لا يستحب ذلك ، هذا كلام صاحب التتمة ، وهو كلام بناه على شرعنا لم يرد فيه نهي ، وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب .
وعن قال : " دخل قيس بن أبي حازم رضي الله عنه على امرأة من أبو بكر الصديق أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم ، فقال : ما لها لا تتكلم ؟ فقالوا : حجت مصمتة ، فقال لها : تكلمي فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت " رواه في صحيحه . [ ص: 423 ] قوله : امرأة من أحمس هو - بالحاء والسين المهملتين - وهي قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي ، قال البخاري في معالم السنن في تفسير الحديث الأول : كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات ، وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق ، فنهوا - يعني في الإسلام - عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير . هذا كلام الخطابي ، وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم أن الصمت إلى الليل مكروه . وقال صاحب التتمة في هذا الباب : جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة ، وليس له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان ، لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة الخطابي زكريا عليه السلام { إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا : شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهي ، جعل ذلك قربة ، ومن قال : شرع من قبلنا لا يلزمنا ، قال : لا يستحب ذلك ، هذا كلام صاحب التتمة ، وهو كلام بناه على شرعنا لم يرد فيه نهي ، وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب .
( الخامسة ) قال والأصحاب رحمهم الله : الجود والأفضال يستحب في كل وقت ، وهو في رمضان آكد ، ويسن الشافعي ، ودليل المسألتين الأحاديث الصحيحة منها حديث زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان رضي الله عنهما قال : { ابن عباس جبريل ، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان ، حين يلقاه البخاري . قال العلماء : وقوله كالريح المرسلة أي في الإسراع والعموم . وعن ومسلم رضي الله عنها { عائشة } [ ص: 424 ] رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر البخاري ، وفي رواية ومسلم { لمسلم } وعن كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهده في غيره رضي الله عنه قال : { علي } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر ويرفع المئزر الترمذي . وقال حديث حسن صحيح .
وعن قال : { أنس } رواه قيل : يا رسول الله ، أي الصدقة أفضل ؟ قال : صدقة رمضان . قال أصحابنا : البيهقي ، وفي العشر الأواخر أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف ، ولأنه شهر شريف فالحسنة فيه أفضل من غيره ، ولأن الناس يشتغلون فيه بصيامهم وزيادة طاعتهم عن المكاسب فيحتاجون إلى المواساة وإعانتهم . والجود والأفضال مستحب في شهر رمضان
وعن قال : { أنس } رواه قيل : يا رسول الله ، أي الصدقة أفضل ؟ قال : صدقة رمضان . قال أصحابنا : البيهقي ، وفي العشر الأواخر أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف ، ولأنه شهر شريف فالحسنة فيه أفضل من غيره ، ولأن الناس يشتغلون فيه بصيامهم وزيادة طاعتهم عن المكاسب فيحتاجون إلى المواساة وإعانتهم . والجود والأفضال مستحب في شهر رمضان
( فرع ) قال الماوردي : لا سيما في العشر الأواخر منه . ويستحب للرجل أن يوسع على عياله في شهر رمضان وأن يحسن إلى أرحامه وجيرانه
( السادسة ) قال أصحابنا : السنة ، وهو أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه ، للحديث السابق عن كثرة تلاوة القرآن في رمضان ومدارسته ويسن ابن عباس ; لحديث ، الاعتكاف فيه وآكد العشر الأواخر منه ابن عمر { وعائشة } رواهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان البخاري ، وفي الصحيح عن جماعة من الصحابة وغيرهم معناه . ومسلم
وثبت في الصحيح { } من رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأولى والعشر الوسط من رمضان . أبي سعيد الخدري
وثبت في الصحيح { } من رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأولى والعشر الوسط من رمضان . أبي سعيد الخدري
( السابعة ) يستحب فهو سر الصوم ، ومقصوده الأعظم ، وسبق أنه يحترز عن الغيبة والكلام القبيح والمشاتمة والمسافهة وكل ما لا خير فيه من الكلام . صون نفسه في رمضان عن الشهوات
( الثامنة ) يستحب والأحاديث الصحيحة في تأخيره محمولة على بيان [ ص: 425 ] الجواز ، وإلا فالكثير من رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديمه على الفجر . تقديم غسل الجنابة من جماع أو احتلام على طلوع الفجر
( التاسعة ) قال والأصحاب : الشافعي هذا هو المشهور ، ولا فرق بين صوم النفل والفرض ، وقال القاضي يكره للصائم السواك بعد الزوال : لا يكره في النفل ليكون أبعد من الرياء ، وهذا غريب ضعيف ، حسين قول غريب أن السواك لا يكره في كل صوم لا قبل الزوال ولا بعده ، وقد سبقت المسألة في باب السواك مبسوطة ، قال أصحابنا : وإذا استاك فلا فرق بين السواك الرطب واليابس بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه أو من رطوبته ، فإن ابتلعه أفطر . والاستياك قبل الزوال بالرطب واليابس جائز بلا كراهة ، وبه قال وللشافعي ابن عمر وعروة ومجاهد وأيوب وأبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو ثور ، وكرهه بالرطب جماعة حكاه وداود عن ابن المنذر عمرو بن شرحبيل والشعبي والحكم وقتادة ومالك وأحمد وإسحاق ، وعن رواية أخرى أنه لا يكره ، وقال أحمد : وممن قال بالسواك للصائم قبل الزوال وبعده ابن المنذر عمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وابن سيرين والنخعي وأبو حنيفة وكرهه بعد الزوال ومالك عطاء ومجاهد وأحمد وإسحاق . وأبو ثور
( العاشرة ) قد سبق أن الحيض والنفاس والجنون والردة كل واحد منهما يبطل الصوم ، سواء طال أم كان لحظة من النهار ، وصوم الصبي المميز صحيح والذي لا يميز لا يصح ، وكذا لا يصح ، قال أصحابنا : صوم السكران الإسلام والتمييز إلا المغمى عليه والنائم كما سبق فيهما ، والنقاء عن الحيض والنفاس والوقت القابل للصوم احتراز عن العيد والتشريق . شرط الصوم
( الحادية عشرة ) عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها { الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا } رواه الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت له طعاما فقال : كلي . فقالت : إني صائمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحمد والترمذي وقال : حديث حسن .