الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يسمي الشارب عند كل ابتداء ويحمد عند كل قطع .

( الثالثة ) : ذكر السامري من أصحابنا أن الشارب يسمي الله عند كل ابتداء ويحمده عند كل قطع ; لأنه ابتداء فعل كالأول ، وإن كان الأول آكد .

وإنما خص هؤلاء الشارب إما لقلته فلا يشق التكرار ، وإما لأن كل مرة مأمور بها فاستحب فيها ما استحب في الأول بخلاف الأكل ، فإنه يطول فيشق التكرار

[ ص: 103 ] والقطع فيه أمر عادي ، وقد يقال مثله في أكل كل لقمة ، وهو ظاهر ما قدمنا عن الإمام أحمد .

قال إسحاق بن إبراهيم تعشيت مرة أنا وأبو عبد الله وقرابة له فجعلنا لا نتكلم ، وهو يأكل ويقول : الحمد لله ، وبسم الله ، قال : أكل وحمد خير من أكل وصمت " . قال في الآداب الكبرى : ولم أجد عن الإمام أحمد رضي الله عنه خلاف هذه الرواية صريحا ولم أجدها في كلام أكثر الأصحاب

. والظاهر أن الإمام رضي الله عنه اتبع الأثر في ذلك كما هو عادته فقد روى الخلال بإسناده عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال لقوم أكلوا معه " يا بني لا تدعوا أن تأدموا أول طعامكم بذكر الله . أكل وحمد خير من أكل وصمت " ، وكذا قال خالد بن معدان التابعي الثقة الفقيه الصالح " أكل وحمد خير من أكل وصمت " ، ثم قال في الآداب : وجه الأول يعني الاكتفاء بالبسملة في الابتداء .

والحمدلة في الانتهاء ظاهر الأخبار ، فإنه صلى الله عليه وسلم اقتصر فيها على التسمية أولا ، والحمد أخيرا ، ولو كان يعني تكرار ذلك مع كل لقمة مستحبا لنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا ، أو فعلا ، ولو في حديث واحد ، بل ظاهر ما نقل من حاله أنه لم يفعله ، وهو صلى الله عليه وسلم الغاية في فعل الفضائل ، وكذلك المعروف ، والمشهور من فعل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية