الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب المفقود ( هو ) لغة المعدوم . وشرعا ( غائب لم يدر أحي هو فيتوقع ) قدومه ( أم ميت أودع اللحد البلقع ) أي القفر [ ص: 293 ] جمعه بلاقع ، فدخل الأسير ومرتد لم يدر ألحق أو لا ؟ ( وهو في حق نفسه حي ) بالاستصحاب ، هذا هو الأصل فيه ( فلا ينكح عرسه غيره ولا يقسم ماله ) قلت : وفي معروضات المفتي أبي السعود أنه ليس لأمين بيت المال نزعه من يد من بيده ممن أمنه عليه قبل ذهابه لما سيجيء معزيا لخزانة المفتين

التالي السابق


كتاب المفقود مناسبته للآبق أن كلا منهما فقده أهله وهم في طلبه ، وأخر عنه لقلة وجوده ( قوله : هو غائب إلخ ) أفاد أن قول الكنز هو غائب لم يدر موضعه معناه لم تدر حياته ولا موته . قال في البحر : فالمدار إنما هو على الجهل بحياته وموته لا على الجهل بمكانه ، فإنهم جعلوا منه كما في المحيط المسلم الذي أسره العدو ولا يدرى أحي أم ميت مع أن مكانه معلوم وهو دار الحرب ، فإنه أعم من أن يكون عرف أنه في بلدة معينة من دار الحرب أو لا ا هـ لكن في الملتقى وغيره : هو غائب لا يدرى مكانه ولا حياته ولا موته ، قيل فهذا صريح في اشتراط جهل المكان فيكون التعويل عليه .

قلت : الظاهر أن علم المكان يستلزم العلم بالموت والحياة غالبا وعدمه عدمه ، فالعطف للتفسير ، ولو علم مكانه من دار الحرب مع تحقق الجهل بحاله وعدم إمكان الاطلاع عليه لا شك في أنه مفقود فافهم ( قوله : فيتوقع قدومه ) أي يطلب أو ينتظر وقوعه ، وقوله قدومه بدل اشتمال من الضمير في يتوقع العائد إلى قوله غائب . [ ص: 293 ] لا نائب فاعل ; لأن حذفه لا يجوز ( قوله : ومرتد لم يدر ألحق أم لا ) أي فإنه يوقف ميراثه كما يوقف ميراث المسلم كافي الحاكم ; لأنه إذا جهل لحاقه لا يمكن الحكم به ، بخلاف ما إذا علم فإنه يحكم به ويكون موتا حكما فيقسم ميراثه على ما مر في بابه ( قوله : وهو في حق نفسه حي ) مقابله قوله الآتي وميت في حق غيره . وحاصله أنه يعتبر حيا في حق الأحكام التي تضره وهي المتوقفة على ثبوت موته ويعتبر ميتا فيما ينفعه ويضر غيره ، وهو ما يتوقف على حياته ; لأن الأصل أنه حي وأنه إلى الآن كذلك استصحابا للحال السابق والاستصحاب حجة ضعيفة تصلح للدفع لا للإثبات : أي تصلح لدفع ما ليس بثابت لا لإثباته ( قوله : نزعه ) أي نزع مال المفقود ( قوله لما سيجيء إلخ ) فيه أن ما هنا أودعه بنفسه وما يجيء في مال مورثه ط .

قلت : لكن يأتي قريبا أنه لو كان له وكيل له حفظ ماله : أي ; لأنه لا ينعزل بفقد الموكل كما يأتي ، لكن نقل ابن المؤيد عن جامع الفصولين : لو أخذ القاضي وديعة المفقود ممن هي بيده ووضعها عند ثقة لا بأس به ا هـ وهذا يخالف ما في المعروضات ، إلا أن يقال ما فيها هو في حق أمين بيت المال ، فليس له ذلك وإن كان المفقود لا وارث له إلا بيت المال ; لأن الوارث حقيقة ليس له ذلك فأمين بيت المال بالأولى ، وما نقلناه إنما هو في القاضي الذي له ولاية حفظ مال الغائب . والظاهر أنه محمول على ما إذا رأى المصلحة في ذلك ، بأن كان من المال بيده غير ثقة وإلا فهو عبث تأمل .




الخدمات العلمية