الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لنفتنهم فيه [17] حكى أبو زيد وأبو عبيدة : فتنته وأفتنته، قال أبو زيد : لغة بني تميم أفتنته، قال الأصمعي : فتنه يفتنه فهو فاتن وفتان، قال الله جل وعز: ( ما أنتم عليه بفاتنين ) قال: ولا يقال: أفتنه، وأنكر هذه اللغة ولم يعرفها، فأنشدهم.


                                                                                                                                                                                                                                        501 - لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلا كل مسلم



                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وهذا شعر قديم، غير أن الأصمعي قال: لا بأس، هذا قد سمعناه من مخنث فلا يلتفت إليه، وإن كان قد قيل قديما.

                                                                                                                                                                                                                                        قال [ ص: 51 ] أبو جعفر : قد حكى الجلة من أهل اللغة ممن يرجع إلى قوله في الصدق فتنه وأفتنه، غير أن سيبويه فرق بينهما، فذهب إلى أن المعتدي أفتن وأن معنى فتنه جعل فيه فتنة، كما تقول: كحله ( ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا ) وقرأ مسلم بن جندب (نسلكه) بضم النون.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : سلكه وأسلكه لغتان عند كثير من أهل اللغة، وقال الأصمعي : سلكه بغير ألف، قال الله جل وعز: ( ما سلككم في سقر ) وكما قال:


                                                                                                                                                                                                                                        502 - أما سلكت سبيلا كنت سالكها     فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر



                                                                                                                                                                                                                                        وسلك وسلكته مثل رجع ورجعته، وأسلكته لغة معروفة، أنشد أبو عبيدة وغيره لعبد مناف بن ربع :


                                                                                                                                                                                                                                        503 - حتى إذا أسلكوهم في قتائدة     شلا كما تطرد الجمالة الشردا



                                                                                                                                                                                                                                        ولم يطعن الأصمعي في هذا البيت غير أنه قال: أسلكه حمله على أن يسلك، وزعم أبو عبيدة أن الجواب محذوف، وخولف في هذا، وقيل: الجواب شلوا، وشلا يقوم مقامه.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 52 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية