الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الجمال بالمال؛ لا سيما مع الإنفاق؛ من أعظم المرغبات في الموالاة؛ وكانت هذه الآية قد صيرت جميله قبيحا؛ وبذوله شحيحا; قال - سبحانه وتعالى - - مكررا التنبيه على مكر ذوي الأموال؛ والجمال؛ الذين يريدون إيقاع الفتنة بينهم من اليهود؛ والمنافقين؛ ليضمحل أمرهم؛ وتزول شوكتهم: يا أيها الذين آمنوا ؛ أي: إيمانا صحيحا؛ مصدقا ادعاؤه بالعمل الصالح الذي من أعظمه الحب في الله؛ والبغض في الله؛ لا تتخذوا بطانة ؛ أي: من تباطنونهم بأسراركم؛ وتختصونهم بالمودة [ ص: 38 ] والصفاء؛ ومبادلة المال؛ والوفاء؛ من دونكم ؛ أي: ليسوا منكم أيها المؤمنون؛ وعبر بذلك إعلاما بأنهم يهضمون أنفسهم وينزلونها عن علي درجتها بموادتهم؛ ثم وصفهم تعليلا للنهي بقوله: لا يألونكم خبالا ؛ أي: يقصرون بكم من جهة الفساد؛ ثم بين ذلك بقوله على سبيل التعليل أيضا: ودوا ما عنتم ؛ أي: تمنوا مشقتكم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا قد يخفى؛ بينه بقوله - معللا -: قد بدت البغضاء من أفواههم ؛ أي: هي بينة في حد ذاتها؛ مع اجتهادهم في إخفائها؛ لأن الإنسان إذا امتلأ من شيء غلبه بفيضه؛ ولكنكم لحسن ظنكم؛ وصفاء نياتكم؛ لا تتأملونها؛ فتأملوا؛ ثم أخبر عن علمه - سبحانه - قطعا؛ وعلم الفطن من عباده بالقياس ظنا؛ بقوله: وما تخفي صدورهم أكبر ؛ مما ظهر على سبيل الغلبة؛ ثم استأنف على طريق الإلهاب والتهييج قوله: قد بينا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ لكم ؛ أي: بهذه الجمل؛ الآيات ؛ أي: الدالات على سعادة الدارين؛ ومعرفة الشقي؛ والسعيد؛ والمخالف؛ والمؤالف؛ وزادهم إلهابا بقوله: إن كنتم ؛ أي: جبلة؛ وطبعا؛ تعقلون ؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية