الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم استأنف الإخبار عن ملخص حالهم معهم؛ [ ص: 39 ] فقال - منبها؛ أو مبدلا الهاء من همزة الإنكار -: ها أنتم أولاء ؛ أي: المؤمنون المسلمون المستسلمون؛ تحبونهم ؛ أي: لاغتراركم بإقرارهم بالإيمان؛ لصفاء بواطنكم؛ ولا ؛ أي: والحال أنهم لا يحبونكم ؛ لمخالفتهم لكم في الدين؛ فإنهم كاذبون في إقرارهم بالإيمان؛ وتؤمنون ؛ أي: أنتم؛ بالكتاب كله ؛ أي: ويكفرون هم به كله؛ إما بالقصد الأول؛ وإما بالإيمان بالبعض؛ والكفر بالبعض؛ وإذا لقوكم قالوا ؛ أي: لكم آمنا ؛ لتغتروا بهم؛ وإذا خلوا ؛ أي: منكم؛ وصور شدة حنقهم بقوله: عضوا عليكم ؛ لما يرون من ائتلافكم؛ وحسن أحوالكم؛ الأنامل من الغيظ ؛ أي: المفرط منكم؛ ومن جعل الهاء في ها أنتم ؛ بدلا عن همزة الاستفهام؛ فالمراد عنده: "أأنتم يا هؤلاء القرباء مني تحبونهم؛ والحال أنهم على ما هم عليه من منابذتكم؛ وأنتم على ما أنتم عليه من الفطنة؛ بصفاء الأفكار؛ وعلي الآراء بقبولكم الحق كله؛ لأن المؤمن كيس فطن; فهو استفهام - وإن كان من وادي التوبيخ - المراد به التنبيه والتهييج المنقل من سافل الدركات إلى عالي الدرجات؛ والله الموفق. [ ص: 40 ] ولما كانوا كأنهم قالوا: "فما نفعل؟"؛ قال مخاطبا للرأس المسموع الأمر؛ المجاب الدعاء: قل ؛ أي: لهم؛ موتوا بغيظكم ؛ أي: ازدراء بهم؛ ودعاء عليهم؛ بدوام الغيظ من القهر؛ وزيادته؛ حتى يميتهم؛ ولما كانوا يحلفون على نفي هذا ليرضوهم قال (تعالى) مؤكدا لما أخبر به؛ لئلا يظن أنه أريد به غير الحقيقة: إن الله ؛ أي: الجامع لصفات الكمال؛ عليم بذات الصدور ؛ أي: فلا تظنوا أنه أراد بعض ما يتجوز بالغيظ عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية