الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سود ]

                                                          سود : السواد : نقيض البياض ؛ سود وساد واسود اسودادا واسواد اسويدادا ، ويجوز في الشعر اسوأد ، تحرك الألف لئلا يجمع بين ساكنين ؛ وهو أسود ، والجمع سود وسودان . وسوده : جعله أسود ، والأمر منه اسوادد ، وإن شئت أدغمت ، وتصغير الأسود أسيد ، وإن شئت أسيود أي قد قارب السواد ، والنسبة إليه أسيدي ، بحذف الياء المتحركة ، وتصغير الترخيم سويد . وساودت فلانا فسدته أي غلبته بالسواد من سواد اللون والسودد جميعا . وسود الرجل : كما تقول عورت عينه وسودت أنا ؛ قال نصيب :


                                                          سودت فلم أملك سوادي وتحته قميص من القوهي بيض بنائقه



                                                          ويروى :


                                                          سودت فلم أملك وتحت سواده



                                                          وبعضهم يقول : سدت ؛ قال أبو منصور : وأنشد أعرابي لعنترة يصف نفسه بأنه أبيض الخلق وإن كان أسود الجلد :


                                                          علي قميص من سواد وتحته     قميص بياض . . . . بنائقه



                                                          وكان عنترة أسود اللون ، وأراد بقميص البياض قلبه . وسودت الشيء إذا غيرت بياضه سوادا . وأسود الرجل وأسأد : ولد له ولد أسود . وساوده سوادا : لقيه في سواد الليل . وسواد القوم : معظمهم . وسواد الناس : عوامهم وكل عدد كثير . ويقال : أتاني القوم أسودهم وأحمرهم أي عربهم وعجمهم . ويقال : كلمته فما رد علي سوداء ولا بيضاء أي كلمة قبيحة ولا حسنة أي ما رد علي شيئا . والسواد : جماعة النخل والشجر لخضرته واسوداده ؛ وقيل : إنما ذلك لأن الخضرة تقارب السواد . وسواد كل شيء : كورة ما حول القرى والرساتيق . والسواد : ما حوالي الكوفة من القرى والرساتيق وقد يقال : كورة كذا وكذا سوادها إلى ما حوالي قصبتها وفسطاطها من قراها ورساتيقها . وسواد الكوفة والبصرة : قراهما . والسواد والأسودات والأساود : جماعة من الناس ، وقيل : هم الضروب المتفرقون . وفي الحديث أنه قال لعمر ، رضي الله عنه : انظر إلى هؤلاء الأساود حولك أي الجماعات المتفرقة . ويقال : مرت بنا أساود من الناس وأسودات كأنها جمع أسودة ، وهي جمع قلة لسواد ، وهو الشخص لأنه يرى من بعيد أسود . والسواد : الشخص ؛ وصرح أبو عبيد بأنه شخص كل شيء من متاع وغيره ، والجمع أسودة ، وأساود جمع الجمع . ويقال : رأيت سواد القوم أي معظمهم . وسواد العسكر : ما يشتمل عليه من المضارب والآلات والدواب وغيرها . ويقال : مرت بنا أسودات من الناس ، وأساود أي جماعات . والسواد الأعظم من الناس : هم الجمهور الأعظم والعدد الكثير من المسلمين الذين تجمعوا على طاعة الإمام وهو السلطان . وسواد الأمير : ثقله . ولفلان سواد أي مال كثير . والسواد : السرار ، وساد الرجل سودا [ ص: 295 ] وساوده سوادا ، كلاهما : ساره فأدنى سواده من سواده ، والاسم السواد والسواد ؛ قال ابن سيده : كذلك أطلقه أبو عبيد ، قال : والذي عندي أن السواد مصدر ساود وأن السواد الاسم كما تقدم القول في مزاح ومزاح . وفي حديث ابن مسعود : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " أذنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى أنهاك " ؛ قال الأصمعي : السواد ، بكسر السين ، السرار ، يقال منه : ساودته مساودة وسوادا إذا ساررته ، قال : ولم نعرفها برفع السين سوادا ؛ قال أبو عبيدة : ويجوز الرفع وهو بمنزلة جوار وجوار ، فالجوار الاسم والجوار المصدر . قال : وقال الأحمر : هو من إدناء سوادك من سواده وهو الشخص أي شخصك من شخصه ؛ قال أبو عبيد : فهذا من السرار لأن السرار لا يكون إلا من إدناء السواد ؛ وأنشد الأحمر :


                                                          من يكن في السواد والدد والإع     رام زيرا فإنني غير زير



                                                          وقال ابن الأعرابي في قولهم لا يزايل سوادي بياضك : قال الأصمعي : معناه لا يزايل شخصي شخصك . السواد عند العرب : الشخص ، وكذلك البياض . وقيل لابنة الخس : ما أزناك ؟ أو قيل لها : لم حملت ؟ أو قيل لها : لم زنيت وأنت سيدة قومك ؟ فقالت : قرب الوساد ، وطول السواد ؛ قال اللحياني : السواد هنا المسارة ، وقيل : المراودة ، وقيل : الجماع بعينه ، وكله من السواد الذي هو ضد البياض . وفي حديث سلمان الفارسي حين دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي ويقول : لا أبكي خوفا من الموت أو حزنا على الدنيا ، فقال : ما يبكيك ؟ فقال : عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكف أحدكم مثل زاد الراكب ، وهذه الأساود حولي ؛ قال : وما حوله إلا مطهرة وإجانة وجفنة ؛ قال أبو عبيد : أراد بالأساود الشخوص من المتاع الذي كان عنده ، وكل شخص من متاع أو إنسان أو غيره : سواد ، قال ابن الأثير : ويجوز أن يريد بالأساود الحيات ، جمع أسود ، شبهها بها لاستضراره بمكانها . وفي الحديث إذا رأى أحدكم سوادا بليل فلا يكن أجبن السوادين فإنه يخافك كما تخافه أي شخصا . قال : وجمع السواد أسودة ثم الأساود جمع الجمع ؛ وأنشد الأعشى :


                                                          تناهيتم عنا وقد كان فيكم     أساود صرعى لم يوسد قتيلها



                                                          يعني بالأساود شخوص القتلى . وفي الحديث فجاء بعود وجاء ببعرة حتى زعموا فصار سوادا أي شخصا ؛ ومنه الحديث : وجعلوا سوادا حيسا أي شيئا مجتمعا يعني الأزودة . وفي الحديث : إذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم ؛ قيل : السواد الأعظم جملة الناس ومعظمهم التي اجتمعت على طاعة السلطان وسلوك المنهج القويم ؛ وقيل : التي اجتمعت على طاعة السلطان وبخعت لها ، برا كان أو فاجرا ، ما أقام الصلاة ؛ وقيل لأنس : أين الجماعة ؟ فقال : مع أمرائكم . والأسود : العظيم من الحيات وفيه سواد ، والجمع أسودات وأساود وأساويد ، غلب غلبة الأسماء ، والأنثى أسودة نادر ؛ قال الجوهري في جمع الأسود أساود قال : لأنه اسم ولو كان صفة لجمع على فعل . يقال : أسود سالخ غير مضاف ، والأنثى أسودة ولا توصف بسالخة . وقوله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر الفتن : لتعودن فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض ؛ قال الزهري : الأساود الحيات ؛ يقول : ينصب بالسيف على رأس صاحبه كما تفعل الحية إذا ارتفعت فلسعت من فوق ، وإنما قيل للأسود أسود سالخ لأنه يسلخ جلده في كل عام ؛ وأما الأرقم فهو الذي فيه سواد وبياض ، وذو الطفيتين الذي له خطان أسودان . قال شمر : الأسود أخبث الحيات وأعظمها وأنكاها وهي من الصفة الغالبة حتى استعمل استعمال الأسماء وجمع جمعها ، وليس شيء من الحيات أجرأ منه ، وربما عارض الرفقة وتبع الصوت ، وهو الذي يطلب بالذحل ولا ينجو سليمه ، ويقال : هذا أسود ، غير مجرى ؛ وقال ابن الأعرابي : أراد بقوله لتعودن فيها أساود صبا ، يعني جماعات ، وهي جمع سواد من الناس أي جماعة ثم أسودة ، ثم أساود جمع الجمع . وفي الحديث أنه أمر بقتل الأسودين في الصلاة ؛ قال شمر : أراد بالأسودين الحية والعقرب . والأسودان : التمر والماء ، وقيل : الماء واللبن وجعلهما بعض الرجاز الماء والفث ، وهو ضرب من البقل يختبز فيؤكل ؛ قال :


                                                          الأسودان أبردا عظامي     الماء والفث دوا أسقامي



                                                          والأسودان : الحرة والليل لاسودادهما ، وضاف مزبدا المدني قوم ، فقال لهم : ما لكم عندنا إلا الأسودان ! فقالوا : إن في ذلك لمقنعا التمر والماء ، فقال : ما ذاك عنيت إنما أردت الحرة والليل . فأما قول عائشة رضي الله عنها : لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لنا طعام إلا الأسودان ؛ ففسره أهل اللغة بأنه التمر والماء ؛ قال ابن سيده : وعندي أنها إنما أرادت الحرة والليل ، وذلك أن وجود التمر والماء عندهم شبع وري وخصب لا شصب ، وإنما أرادت عائشة - رضي الله عنها - أن تبالغ في شدة الحال وتنتهي في ذلك بأن لا يكون معها إلا الحرة والليل ، أذهب في سوء الحال من وجود التمر والماء ؛ قال طرفة :


                                                          ألا إنني شربت أسود حالكا     ألا بجلي من الشراب ألا بجل



                                                          قال : أراد الماء ؛ قال شمر : وقيل : أراد سقيت سم أسود . قال الأصمعي والأحمر : الأسودان الماء والتمر ، وإنما الأسود التمر دون الماء وهو الغالب على تمر المدينة ، فأضيف الماء إليه ونعتا جميعا بنعت واحد إتباعا ، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان يسميان معا بالاسم الأشهر منهما كما قالوا العمران لأبي بكر وعمر ، والقمران للشمس والقمر . والوطأة السوداء : الدراسة ، والحمراء : الجديدة . وما ذقت عنده من سويد قطرة ، وما سقاهم من سويد قطرة ، وهو الماء نفسه لا يستعمل كذا إلا في النفي . ويقال للأعداء : سود الأكباد ؛ قال :


                                                          فما أجشمت من إتيان قوم     هم الأعداء فالأكباد سود



                                                          ويقال للأعداء : صهب السبال وسود الأكباد ، وإن لم يكونوا كذلك فكذلك يقال لهم . وسواد القلب وسواديه وأسوده وسوداؤه : حبته ، وقيل : دمه . يقال : رميته فأصبت سواد قلبه ؛ وإذا صغروه ردوه إلى [ ص: 296 ] سويداء ، ولا يقولون سوداء قلبه ، كما يقولون حلق الطائر في كبد السماء وفي كبيد السماء ، وفي الحديث فأمر بسواد البطن فشوي له الكبد . والسويداء : الاست . والسويداء : حبة الشونيز ؛ قال ابن الأعرابي : الصواب الشينيز . قال : كذلك تقول العرب . وقال بعضهم : عنى به الحبة الخضراء لأن العرب تسمي الأسود أخضر والأخضر أسود . وفي الحديث ما من داء إلا في الحبة السوداء له شفاء إلا السام ؛ أراد به الشونيز . والسود : سفح من الجبل مستدق في الأرض خشن أسود ، والجمع أسواد ، والقطعة منه سودة وبها سميت المرأة سودة . الليث : السود سفح مستو بالأرض كثير الحجارة خشنها ، والغالب عليها ألوان السواد وقلما يكون إلا عند جبل فيه معدن ؛ والسود ، بفتح السين وسكون الواو ، في شعر خداش بن زهير :


                                                          لهم حبق والسود بيني وبينهم     يدي لكم والزائرات المحصبا



                                                          هو جبال قيس ؛ قال ابن بري : رواه الجرمي يدي لكم ، بإسكان الياء على الإفراد ، وقال : معناه يدي لكم رهن بالوفاء ، ورواه غيره يدي لكم جمع يد ، كما قال الشاعر :


                                                          فلن أذكر النعمان إلا بصالح     فإن له عندي يديا وأنعما



                                                          ورواه أبو شريك وغيره : يدي بكم ، مثنى ، بالباء بدل اللام ، قال : وهو الأكثر في الرواية أي أوقع الله يدي بكم . وفي حديث أبي مجلز : وخرج إلى الجمعة ، وفي الطريق عذرات يابسة فجعل يتخطاها ، ويقول : ما هذه الأسودات ؟ هي جمع سودات ، وسودات جمع سودة ، وهي القطعة من الأرض فيها حجارة سود خشنة ، شبه العذرة اليابسة بالحجارة السود . والسوادي : السهريز . والسواد : وجع يأخذ الكبد من أكل التمر وربما قتل ، وقد سئد . وماء مسودة يأخذ عليه السواد ، وقد ساد يسود : شرب المسودة . وسود الإبل تسويدا إذا دق المسح البالي من شعر فداوى به أدبارها ، يعني جمع دبر ؛ عن أبي عبيد . والسودد : الشرف ، معروف ، وقد يهمز وتضم الدال ، طائية . الأزهري : السؤدد ، بضم الدال الأولى ، لغة طيئ ؛ وقد سادهم سودا وسوددا وسيادة وسيدودة ، واستادهم كسادهم وسودهم هو . والمسود : الذي ساده غيره . والمسود : السيد . وفي حديث قيس بن عاصم : اتقوا الله سودوا أكبركم . وفي حديث ابن عمر : ما رأيت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود من معاوية ؛ قيل : ولا عمر ؟ قال : كان عمر خيرا منه ، وكان هو أسود من عمر ؛ قيل : أراد أسخى وأعطى للمال ، وقيل : أحلم منه . قال : والسيد يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومحتمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم ، وأصله من ساد يسود فهو سيود ، فقلبت الواو ياء لأجل الياء الساكنة قبلها ثم أدغمت . وفي الحديث : لا تقولوا للمنافق سيدا ، فهو إن كان سيدكم وهو منافق ، فحالكم دون حاله ، والله لا يرضى لكم ذلك . أبو زيد : استاد القوم استيادا إذا قتلوا سيدهم أو خطبوا إليه . ابن الأعرابي : استاد فلان في بني فلان إذا تزوج سيدة من عقائلهم . واستاد القوم بني فلان : قتلوا سيدهم أو أسروه أو خطبوا إليه . واستاد القوم ، واستاد فيهم : خطب فيهم سيدة ؛ قال :


                                                          تمنى ابن كوز والسفاهة كاسمها     ليستاد منا أن شتونا لياليا



                                                          أي أراد يتزوج منا سيدة لأن أصابتنا سنة . وفي حديث عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : تفقهوا قبل أن تسودوا ؛ قال شمر : معناه تعلموا الفقه قبل أن تزوجوا فتصيروا أرباب بيوت فتشغلوا بالزواج عن العلم ، من قولهم استاد الرجل ، يقول : إذا تزوج في سادة ؛ وقال أبو عبيد : يقول تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصيروا سادة رؤساء منظورا إليهم ، فإن لم تعلموا قبل ذلك استحيتم أن تعلموا بعد الكبر ، فبقيتم جهالا تأخذونه من الأصاغر ، فيزري ذلك بكم ؛ وهذا شبيه بحديث عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما : لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ، فإذا أتاهم من أصاغرهم فقد هلكوا . والأكابر أوفر الأسنان والأصاغر الأحداث ؛ وقيل : الأكابر أصحاب رسول الله والأصاغر من بعدهم من التابعين ؛ وقيل : الأكابر أهل السنة والأصاغر أهل البدع ؛ قال أبو عبيد : ولا أرى عبد الله أراد إلا هذا . والسيد : الرئيس ؛ وقال كراع : وجمعه سادة ، ونظره بقيم وقامة وعيل وعالة ؛ قال ابن سيده : وعندي أن سادة جمع سائد على ما يكثر في هذا النحو ، وأما قامة وعالة فجمع قائم وعائل لا جمع قيم وعيل كما زعم هو ، وذلك لأن فعيلا لا يجمع على فعلة ، إنما بابه الواو والنون ، وربما كسر منه شيء على غير فعلة كأموات وأهوناء ؛ واستعمل بعض الشعراء السيد للجن فقال :


                                                          جن هتفن بليل     يندبن سيدهنه



                                                          قال الأخفش : هذا البيت معروف من شعر العرب وزعم بعضهم أنه من شعر الوليد والذي زعم ذلك أيضا . . . ، ابن شميل : السيد الذي فاق غيره بالعقل والمال والدفع والنفع ، والمعطي ماله في حقوقه المعين بنفسه ، فذلك السيد . وقال عكرمة : السيد الذي لا يغلبه غضبه . وقال قتادة : هو العابد الورع الحليم . وقال أبو خيرة : سمي سيدا لأنه يسود سواد الناس أي عظمهم . الأصمعي : العرب تقول : السيد كل مقهور مغمور بحلمه ، وقيل : السيد الكريم . وروى مطرف عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنت سيد قريش ؟ فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم السيد الله ، فقال : أنت أفضلها قولا وأعظمها فيها طولا ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : ليقل أحدكم بقوله ولا يستجرئنكم . معناه هو الله الذي يحق له السيادة ، قال أبو منصور : كره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمدح في وجهه وأحب التواضع لله تعالى وجعل السيادة للذي ساد الخلق أجمعين . وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأنصار : قوموا إلى سيدكم أراد أنه أفضلكم رجلا وأكرمكم ، وأما صفة الله - جل ذكره - بالسيد فمعناه أنه مالك الخلق ، والخلق كلهم عبيده ، وكذلك قوله أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، أراد أنه أول شفيع وأول من يفتح له باب الجنة ، قال ذلك إخبارا عما أكرمه الله [ ص: 297 ] به من الفضل والسؤدد ، وتحدثا بنعمة الله عنده ، وإعلاما منه ليكون إيمانهم به على حسبه وموجبه ، ولهذا أتبعه بقوله " ولا فخر " أي : أن هذه الفضيلة التي نلتها كرامة من الله ، لم أنلها من قبل نفسي ولا بلغتها بقوتي ، فليس لي أن أفتخر بها ؛ وقيل في معنى قوله لهم لما قالوا له أنت سيدنا : قولوا بقولكم ، أي : ادعوني نبيا ورسولا كما سماني الله ، ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم ، فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا . وفي الحديث يا رسول الله من السيد ؟ قال : يوسف بن إسحاق بن يعقوب بن إبراهيم ، عليه السلام ، قالوا : فما في أمتك من سيد ؟ قال : بلى من أتاه الله مالا ورزق سماحة ؛ فأدى شكره وقلت شكايته في الناس . وفي الحديث : كل بني آدم سيد ، فالرجل سيد أهل بيته ، والمرأة سيدة أهل بيتها . وفي حديثه للأنصار قال : من سيدكم ؟ قالوا : الجد بن قيس على أنا نبخله ، قال : وأي داء أدوى من البخل ؟ وفي الحديث أنه قال للحسن بن علي ، رضي الله عنهما : إن ابني هذا سيد ؛ قيل : أراد به الحليم ؛ لأنه قال في تمامه : وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . وفي حديث قال لسعد بن عبادة : انظروا إلى سيدنا هذا ما يقول ؛ قال ابن الأثير : كذا رواه الخطابي . وقيل : انظروا إلى من سودناه على قومه ورأسناه عليهم ، كما يقول السلطان الأعظم : فلان أميرنا قائدنا ، أي : من أمرناه على الناس ورتبناه لقود الجيوش . وفي رواية : انظروا إلى سيدكم أي مقدمكم . وسمى الله - تعالى - يحيى سيدا وحصورا ؛ أراد أنه فاق غيره عفة ونزاهة عن الذنوب . الفراء : السيد الملك والسيد الرئيس والسيد السخي وسيد العبد مولاه ، والأنثى من كل ذلك بالهاء . وسيد المرأة : زوجها . وفي التنزيل : وألفيا سيدها لدى الباب ؛ قال اللحياني : ونظن ذلك مما أحدثه الناس ، قال ابن سيده : وهذا عندي فاحش ، كيف يكون في القرآن ثم يقول اللحياني : ونظنه مما أحدثه الناس ؛ إلا أن تكون مراودة يوسف مملوكة ، فإن قلت : كيف يكون ذلك وهو يقول : وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز ؛ فهي إذا حرة ، فإنه قد يجوز أن تكون مملوكة ثم يعتقها ويتزوجها بعد كما نفعل نحن ذلك كثيرا بأمهات الأولاد ، قال الأعشى :


                                                          فكنت الخليفة من بعلها     وسيدتيا ومستادها



                                                          أي من بعلها ، فكيف يقول الأعشى هذا ويقول اللحياني بعد : إنا نظنه مما أحدثه الناس ؟ التهذيب : وألفيا سيدها معناه : ألفيا زوجها ، يقال : هو سيدها وبعلها أي زوجها . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - أن امرأة سألتها عن الخضاب فقالت : كان سيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره ريحه ؛ أرادت معنى السيادة تعظيما له أو ملك الزوجية ، وهو من قوله : وألفيا سيدها لدى الباب ؛ ومنه حديث أم الدرداء : حدثني سيدي أبو الدرداء . أبو مالك : السواد المال ، والسواد الحديث ، والسواد صفرة في اللون ، وخضرة في الظفر تصيب القوم من الماء المالح ؛ وأنشد :


                                                          فإن أنتم لم تثأروا وتسودوا     فكونوا نعايا في الأكف عيابها



                                                          يعني عيبة الثياب قال : تسودوا تقتلوا . وسيد كل شيء : أشرفه وأرفعه ؛ واستعمل أبو إسحاق الزجاج ذلك في القرآن فقال : لأنه سيد الكلام نتلوه ، وقيل في قوله عز وجل سيدا وحصورا : السيد الذي يفوق في الخير . قال ابن الأنباري : إن قال قائل : كيف سمى الله - عز وجل - يحيى سيدا وحصورا ، والسيد هو الله إذ كان مالك الخلق أجمعين ولا مالك لهم سواه ؟ قيل له : لم يرد بالسيد هاهنا المالك وإنما أراد الرئيس والإمام في الخير ، كما تقول العرب فلان سيدنا أي رئيسنا والذي نعظمه ؛ وأنشد أبو زيد :


                                                          سوار سيدنا وسيد غيرنا     صدق الحديث فليس فيه تماري



                                                          وساد قومه يسودهم سيادة وسوددا وسيدودة ، فهو سيد ، وهم سادة ، تقديره فعلة ، بالتحريك ، لأن تقدير سيد فعيل ، وهو مثل سري وسراة ولا نظير لهما ، يدل على ذلك أنه يجمع على سيائد ، بالهمز ، مثل أفيل وأفائل وتبيع وتبائع ؛ وقال أهل البصرة : تقدير سيد فيعل وجمع على فعلة كأنهم جمعوا سائدا ، مثل قائد وقادة وذائد وذادة ؛ وقالوا : إنما جمعت العرب الجيد والسيد على جيائد وسيائد ، بالهمز على غير قياس ، لأن جمع فيعل فياعل بلا همز ، والدال في سودد زائدة للإلحاق ببناء فعلل ، مثل جندب وبرقع . وتقول : سوده قومه وهو أسود من فلان أي أجل منه . قال الفراء : يقال : هذا سيد قومه اليوم ، فإذا أخبرت أنه عن قليل يكون سيدهم قلت : هو سائد قومه عن قليل . وسيد . . . . وأساد الرجل وأسود بمعنى ، أي : ولد غلاما سيدا ؛ وكذلك إذا ولد غلاما أسود اللون . والسيد من المعز : المسن ؛ عن الكسائي . قال : ومنه الحديث : ثني من الضأن خير من السيد من المعز ؛ قال الشاعر :


                                                          سواء عليه شاة عام دنت له     ليذبحها للضيف أم شاة سيد



                                                          كذا رواه أبو علي عنه ؛ المسن من المعز ، وقيل : هو المسن ، وقيل : هو الجليل وإن لم يكن مسنا . والحديث الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جبريل قال لي : اعلم يا محمد أن ثنية من الضأن خير من السيد من الإبل والبقر ، يدل على أنه معموم به . قال : وعند أبي علي فعيل من " س و د " قال : ولا يمتنع أن يكون فعلا من السيد إلا أن السيد لا معنى له هاهنا . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بكبش يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد ليضحي به ؛ قوله : ينظر في سواد ، أراد أن حدقته سوداء لأن إنسان العين فيها ؛ قال كثير :


                                                          وعن نجلاء تدمع في بياض     إذا دمعت وتنظر في سواد



                                                          قوله : تدمع في بياض وتنظر في سواد ، يريد أن دموعها تسيل على خد أبيض ، ونظرها من حدقة سوداء ، يريد أنه أسود القوائم ، ويبرك في سواد يريد أن ما يلي الأرض منه إذا برك أسود ؛ والمعنى أنه أسود القوائم والمرابض والمحاجر . الأصمعي : يقال : جاء فلان بغنمه سود البطون ، وجاء بها حمر الكلى ؛ معناهما مهازيل . والحمار الوحشي سيد عانته ، والعرب تقول : إذا كثر البياض قل السواد ؛ يعنون [ ص: 298 ] بالبياض اللبن وبالسواد التمر ؛ وكل عام يكثر فيه الرسل يقل فيه التمر . وفي المثل : قال لي الشر أقم سوادك أي اصبر . وأم سويد : هي الطبيجة . والمسأد : نحي السمن أو العسل ، يهمز ولا يهمز ، فيقال : مساد ، فإذا همز فهو مفعل ، وإذا لم يهمز فهو فعال ؛ ويقال : رمى فلان بسهمه الأسود وبسهمه المدمى وهو السهم الذي رمي به فأصاب الرمية حتى اسود من الدم وهم يتبركون به ؛ قال الشاعر :


                                                          قالت خليدة لما جئت زائرها     هلا رميت ببعض الأسهم السود



                                                          قال بعضهم : أراد بالأسهم السود هاهنا النشاب ، وقيل : هي سهام القنا ؛ قال أبو سعيد : الذي صح عندي في هذا أن الجموح أخا بني ظفر بيت بني لحيان فهزم أصحابه ، وفي كنانته نبل معلم بسواد ، فقالت له امرأته : أين النبل الذي كنت ترمي به ؟ فقال هذا البيت " قالت خليدة " . والسودانية والسودانة : طائر من الطير الذي يأكل العنب والجراد ، قال : وبعضهم يسميها السوادية . ابن الأعرابي : المسود أن تؤخذ المصران فتفصد فيها الناقة وتشد رأسها وتشوى وتؤكل . وأسود : اسم جبل . وأسودة : اسم جبل آخر . والأسود : علم في رأس جبل ؛ وقول الأعشى :


                                                          كلا يمين الله حتى تنزلوا     من رأس شاهقة إلينا الأسودا



                                                          وأسود العين : جبل ؛ قال :


                                                          إذا ما فقدتم أسود العين كنتم     كراما وأنتم ما أقام ألائم



                                                          قال الهجري : أسود العين في الجنوب من شعبى . وأسودة : بئر . وأسود والسود : موضعان . والسويداء : موضع بالحجاز . وأسود الدم : موضع ؛ قال النابغة الجعدي :


                                                          تبصر خليلي هل ترى من ظعائن     خرجن بنصف الليل من أسود الدم



                                                          والسويداء : طائر . وأسودان : أبو قبيلة وهو نبهان . وسويد وسوادة : اسمان . والأسود : رجل .

                                                          [ سوذق ]

                                                          سوذق : السوذق والسوذنيق والسوذانق : الصقر ، وقيل : الشاهين ؛ قال لبيد :


                                                          وكأني ملجم سوذانقا     أجدليا كره غير وكل



                                                          والسوذق والسوذنيق ، والسين فيهما بالفتح ، وربما قالوا سيذنوق ؛ وأنشد النضر بن الشميل :


                                                          وحاديا كالسيذنوق الأزرق



                                                          والسوذانق ، بضم السين وكسر النون . أبو عمرو : السوذق الشاهين ، والسوذق السوار ؛ وأنشد :


                                                          ترى السوذق الوضاح منها بمعصم     نبيل ويأبى الحجل أن يتقدما



                                                          ابن الأعرابي : السوذقي النشيط الحذر المحتال . والسذق : ليلة الوقود ، وجميع ذلك فارسي معرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية