الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سوس ]

                                                          سوس : السوس والساس : لغتان ، وهما العثة التي تقع في الصوف والثياب والطعام . الكسائي : ساس الطعام يساس وأساس يسيس وسوس يسوس إذا وقع فيه السوس ؛ وأنشد لزرارة بن صعب بن دهر ، ودهر : بطن من كلاب ، وكان زرارة خرج مع العامرية في سفر يمتارون من اليمامة ، فلما امتاروا وصدروا جعل زرارة بن صعب يأخذه بطنه فكان يتخلف خلف القوم فقالت العامرية :


                                                          لقد رأيت رجلا دهريا يمشي وراء القوم سيتهيا     كأنه مضطغن صبيا



                                                          تريد أنه قد امتلأ بطنه وصار كأنه مضطغن صبيا من ضخمه ، وقيل : هو الجاعل الشيء على بطنه يضم عليه يده اليسرى ؛ فأجابها زرارة :


                                                          قد أطعمتني دقلا حوليا     مسوسا مدودا حجريا



                                                          الدقل : ضرب رديء من التمر . وحجريا : يريد أنه منسوب إلى حجر اليمامة ، وهو قصبتها . ابن سيده : السوس العث ، وهو الدود الذي يأكل الحب ، واحدته سوسة ، حكاه سيبويه . وكل آكل شيء ، فهو سوسه ، دودا كان أو غيره . والسوس ، بالفتح : مصدر ساس الطعام يساس ويسوس ؛ عن كراع ، سوسا إذا وقع فيه السوس ، وسيس وأساس وسوس واستاس وتسوس ؛ وقول العجاج :


                                                          يجلو بعود الإسحل المفصم     غروب لا ساس ولا مثلم



                                                          والمفصم : المكسر . والساس : الذي قد ائتكل ، وأصله سائس ، وهو مثل هائر وهار وصائف وصاف ، قال العجاج :


                                                          صافي النحاس لم يوشغ بالكدر     ولم يخالط عوده ساس النخر



                                                          ساس النخر أي أكل النخر . يقال : نخر ينخر نخرا . وطعام وأرض ساسة ومسوسة . وساست الشاة تساس سوسا وإساسة ، وهي مسيس : كثر قملها . وأساست مثله ؛ وقال أبو حنيفة : ساست الشجرة تساس سياسا وأساست أيضا ، فهي مسيس . أبو زيد : الساس ، غير مهموز ولا ثقيل ، القادح في السن . والسوس : مصدر الأسوس ، وهو داء يكون في عجز الدابة بين الورك والفخذ يورثه ضعف الرجل . ابن شميل : السواس داء يأخذ الخيل في أعناقها [ ص: 301 ] فييبسها حتى تموت . ابن سيده : والسوس داء في عجز الدابة ، وقيل : هو داء يأخذ الدابة في قوائمها . والسوس : الرياسة ، يقال ساسوهم سوسا ، وإذا رأسوه قيل : سوسوه وأساسوه . وساس الأمر سياسة : قام به ، ورجل ساس من قوم ساسة وسواس ؛ أنشد ثعلب :


                                                          سادة قادة لكل جميع     ساسة للرجال يوم القتال

                                                          وسوسه القوم : جعلوه يسوسهم . ويقال : سوس فلان أمر بني فلان ، أي كلف سياستهم . الجوهري : سست الرعية سياسة . وسوس الرجل أمور الناس ، على ما لم يسم فاعله ، إذا ملك أمرهم ؛ ويروى قول الحطيئة :


                                                          لقد سوست أمر بنيك حتى     تركتهم أدق من الطحين

                                                          وقال الفراء : سوست خطأ . وفلان مجرب قد ساس وسيس عليه أي أمر وأمر عليه . وفي الحديث : كان بنو إسرائيل يسوسهم أنبياؤهم . أي تتولى أمورهم كما يفعل الأمراء والولاة بالرعية . والسياسة : القيام على الشيء بما يصلحه . والسياسة : فعل السائس . يقال : هو يسوس الدواب إذا قام عليها وراضها ، والوالي يسوس رعيته . أبو زيد : سوس فلان لفلان أمرا فركبه كما يقول سول له وزين له . وقال غيره : سوس له أمرا أي روضه وذلله . والسوس : الأصل . والسوس : الطبع والخلق والسجية . يقال : الفصاحة من سوسه . قال اللحياني : الكرم من سوسه أي من طبعه . وفلان من سوس صدق وتوس صدق أي من أصل صدق . وسو يكون وسو يفعل : يريدون سوف . حكاه ثعلب ، وقد يجوز أن تكون الفاء مزيدة فيهما ثم تحذف لكثرة الاستعمال ، وقد زعموا أن قولهم سأفعل مما يريدون به سوف نفعل فحذفوا لكثرة استعمالهم إياه ، فهذا أشذ من قولهم سو نفعل . والسوس : حشيشة تشبه القت ؛ ابن سيده : السوس شجر ينبت ورقا في غير أفنان ؛ وقال أبو حنيفة : هو شجر يغمى به البيوت ويدخل عصيره في . . . ، وفي عروقه حلاوة شديدة ، وفي فروعه مرارة ، وهو ببلاد العرب كثير . والسواس : شجر ، واحدته سواسة ؛ قال أبو حنيفة : السواس من العضاه وهو شبيه بالمرخ له سنفة مثل سنفة المرخ وليس له شوك ولا ورق ، يطول في السماء ويستظل تحته . وقال بعض العرب : هي السواسي ، قال أبو حنيفة : فسألته عنها ، فقال : السواسي والمرخ والمنج هؤلاء الثلاثة متشابهة ، وهي أفضل ما اتخذ منه زند يقتدح به ولا يصلد ؛ وقال الطرماح :


                                                          وأخرج أمه لسواس سلمى     لمعفور الضبا ضرم الجنين

                                                          والواحدة : سواسة . وقال غيره : أراد بالأخرج الرماد ، وأراد بأمه الزندة أنه قطع من سواس سلمى ، وهي شجرة تنبت في جبل سلمى . وقوله لمعفور الضبا أراد أن الزندة شجرة إذا قيل الزند فيها أخرجت شيئا أسود فينعفر في التراب ولا يري ، لأنه لا نار فيه ، فهو الولد المعفور النار فذلك الجنين الضرم ، وذكر معفور الضبا لأنه نسبه إلى أبيه ، وهو الزند الأعلى . وسواس : موضع ؛ أنشد ثعلب :

                                                          وإن امرأ أمسى ودون حبيبه     سواس فوادي الرس والهميان
                                                          لمعترف بالنأي بعد اقترابه     ومعذورة عيناه بالهملان



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية