الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أي : أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي، وإضافة العباد تخصصه بالمؤمنين على ما هو عرف القرآن الكريم . لا تقنطوا من رحمة الله أي : لا تيأسوا من مغفرته أولا، ولا تفضله ثانيا . إن الله يغفر الذنوب جميعا عفوا لمن يشاء، ولو بعد حين بتعذيب في الجملة وبغيره حسبما يشاء، وتقييده بالتوبة خلاف الظاهر كيف لا ؟ وقوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ظاهر في الإطلاق فيما عدا الشرك، ومما يدل عليه التعليل بقوله تعالى : إنه هو الغفور الرحيم على المبالغة، وإفادة الحصر والوعد بالرحمة بعد المغفرة، وتقديم ما يستدعي عموم المغفرة مما في عبادي من الدلالة على الذلة والاختصاص المقتضيين للترحم، وتخصيص ضرر الإسراف بأنفسهم، والنهي عن القنوط مطلقا عن الرحمة فضلا عن المغفرة وإطلاقها، وتعليله بأن الله يغفر الذنوب، ووضع الاسم الجليل موضع [ ص: 260 ] الضمير; لدلالته على أنه المستغني والمنعم على الإطلاق . والتأكيد بالجميع، وما روي من أسباب النزول الدالة على ورود الآية فيمن تاب لا يقتضي اختصاص الحكم بهم، ووجوب حمل المطلق على المقيد في كلام واحد مثل: أكرم الفضلاء أكرم الكاملين غير مسلم، فكيف فيما هو بمنزلة كلام واحد ؟ ولا يخل بذلك الأمر بالتوبة والإخلاص في قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية