الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز -: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ؛ [ ص: 491 ] قرئت: " ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير " ؛ وقد قرئت: " ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي " ؛ معنى " نملي لهم " ؛ نؤخرهم؛ وهؤلاء قوم أعلم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يؤمنون أبدا؛ وأن بقاءهم يزيدهم كفرا وإثما؛ وأما الإعراب؛ فقال أبو العباس محمد بن يزيد : إن من قرأ بالياء " يحسبن " ؛ فتح " أن " ؛ وكانت تنوب عن الاسم والخبر؛ تقول: " حسبت أن زيدا منطلق " ؛ ويصح الكسر مع الياء بقبح: " ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم " ؛ بكسر " إن " ؛ وهو جائز على قبحه؛ لأن الحسبان ليس بفعل حقيقي؛ فهو يبطل عمله مع " إن " ؛ كما يبطل مع اللام؛ تقول: " حسبت لعبد الله منطلق " ؛ وكذلك قد يجوز على بعد: " حسبت إن عبد الله منطلق " ؛ ومن قرأ: " ولا تحسبن الذين كفروا " ؛ لم يجز له - عند البصريين - إلا كسر " إن " ؛ المعنى: " لا تحسبن الذين كفروا؛ إملاؤنا خير لهم " ؛ ودخلت " إن " ؛ مؤكدة؛ إذا فتحت " أن " ؛ صار المعنى: " ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا... " ؛ قال أبو إسحاق : وهو عندي في هذا الموضع يجوز على البدل من " الذين " ؛ المعنى: " لا تحسبن إملاءنا للذين كفروا خيرا لهم " ؛ وقد قرأ بها خلق كثير؛ ومثل هذه القراءة من الشعر قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 492 ] جعل هلكه بدلا من قيس؛ المعنى: فما كان هلك قيس هلك واحد.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية