الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما حذر - سبحانه - بما يكون للمأخوذ من سيئ الأحوال؛ وفظيع الأهوال؛ وكان معنى ما تقدم من كذبه وتمنيه أنه: ما جاءني بيان؛ ولا كان لي وقت أتمكن فيه من العمل؛ قال (تعالى) - مكذبا له -: بلى ؛ أي: قد كان لك الأمران كلاهما؛ قد جاءتك ؛ ولفت القول إلى التكلم؛ مع تجريد الضمير عن مظهر العظمة؛ لما تقدم من موجبات استحضارها؛ إعلاما بتناهي الغضب؛ بعد لفته إلى تذكير النفس المخاطبة؛ المشير إلى أنها فعلت في العصيان فعل الأقوياء الشداد؛ من التكذيب؛ والكبر؛ مع القدرة في الظاهر على تأمل الآيات؛ واستيضاح الدلالات؛ والمشي على طرق الهدايات بعدما أشار تأنيثها إلى ضعفها عن حمل العذاب؛ وغلبة النقائص لها؛ فقال: آياتي ؛ على عظمتها في البيان؛ الذي ليس مثله بيان في وقت كنت فيه متمكنا من العمل بالجنان؛ واللسان؛ والأركان؛ [ ص: 541 ] فكذبت بها ؛ جرأة على الله؛ وقلة مبالاة بالعواقب؛ واستكبرت ؛ أي: عددت نفسك كبيرا عن قبولها؛ وكنت ؛ أي: كونا كأنه جبلة لك؛ لشدة توغلك فيه؛ وحرصك عليه؛ من الكافرين ؛ أي: العريقين في ستر ما ظهر من أنوار الهداية؛ للتكذيب تكبرا؛ لم يكن لك مانع من الإحسان إلا ذلك؛ لا عدم البيان؛ ولا عدم الزمان القابل للعمل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية