الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 127 ] مسألة ; قال : ( وإذا قال : أحد عبدي حر . أقرع بينهما ، فمن تقع عليه القرعة ، فهو حر إذا خرج من الثلث ) وجملة ذلك أنه إذا أعتق عبدا غير معين ، فإنه يقرع بينهما ، فيخرج الحر بالقرعة . وقال أبو حنيفة ، والشافعي : له تعيين أحدهما بغير قرعة ; لأنه عتق مستحق في غير معين ، فكان التعيين إلى المعتق كالعتق في الكفارة ، وكما لو قال لورثته : أعتقوا عني عبدا . ولنا ، أنه عتق استحقه واحد من جماعة معينين ، فكان إخراجه بالقرعة ، كما لو أعتقهما فلم يخرج من ثلثه إلا أحدهما ، ودليل الحكم في الأصل ، حديث عمران بن حصين . فأما العتق في الكفارة ، فإنه لم يستحقه أحد ، إنما استحق على المكفر التكفير . وأما إذا قال : أعتقوا عني عبدا . فإن لم يضفه إلى عبيده ، ولا إلى جماعة سواهم ، فهو كالمعتق في الكفارة . وإن قال : أعتقوا أحد عبيدي . احتمل أن نقول بإخراجه بالقرعة كمسألتنا ، واحتمل أن يرجع فيه إلى اختيار الورثة . وأصل الوجهين ما لو وصى لرجل بعبد من عبيده ، هل يعطى أحدهم بالقرعة ، أو يرجع فيه إلى اختيار الورثة ؟ وسيأتي الكلام عليها . والفرق بين مسألتنا وبين هذه المسألة على هذا الوجه ، أنه جعل الأمر إلى الورثة ، حيث أمرهم بالإعتاق فكانت الخيرة إليهم ، وفي مسألتنا لم يجعل لهم من الأمر شيئا ، فلا يكون لهم خيرة . ( 4743 ) فصل : ونقل صالح عن أبيه ، في من له غلامان اسمهما واحد ، فقال : فلان حر بعد موتي . وله مائتا درهم . ولم يعينه ، يقرع بينهما ، فيعتق من خرجت له القرعة وليس له من المائتين شيء . ووجه ذلك - والله أعلم - أن الوصية بالمائتين وقعت لغير معين ، ولا تصح الوصية إلا لمعين ، وقال القاضي : يجب أن تصح هذه الوصية ; لأن مستحقها حر في حال استحقاقها . ونقل عن أحمد ، في من قال : أعتقوا رقبة عني . فلا يعتق عنه إلا مسلم ; وذلك لأن المطلق من كلام الآدمي يحمل على المطلق من كلام الله تعالى ولما أمر الله تعالى بتحرير رقبة ، لم يتناول إلا المسلم ، فكذلك الآدمي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية