الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما دل على عظيم قدره ببعض ما يكون يوم القيامة؛ أتبعه ما لا يحتمله القوي من أحوال ذلك اليوم؛ دليلا آخر؛ فقال - دالا على عظيم قدرته؛ وعزه؛ وعظمته؛ بالبناء للمفعول -: ونفخ في الصور ؛ أي: القرن؛ العاطف للأشياء؛ المقبل بها نحو صوته؛ المميل لها عن أحوالها؛ العالي عليها [ ص: 552 ] في ذلك اليوم؛ بعد بعث الخلائق؛ وهي النفخة الأولى؛ بعد البعث؛ التي هي بعد نفختي الموت؛ والبعث؛ المذكورتين في سورة "يـس"؛ والمراد بها - والله أعلم - إلقاء الرعب والمخافة؛ والهول في القلوب؛ إظهارا للعظمة؛ وترديا بالكبرياء والعز؛ في عزة يوم المحشر؛ ليكون أول ما يفجؤهم يوم الدين ما لا يحتمله القوي؛ ولا تطيقه الأحلام والنهى؛ كما كان آخر ما فجأهم في يوم الدنيا؛ وإن افترقا في التأثير؛ فإن تلك أثرت الموت؛ وهذه أثرت الغشي؛ لأنه لا موت بعد البعث؛ وهي الثالثة من النفخات؛ فصعق ؛ أي: مغشيا عليه؛ من في السماوات ؛ ولما كان المقام للتهويل؛ وكان التصريح أهول؛ أعاد الفاعل بلفظه؛ فقال: ومن في الأرض

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان منهم من لا يصعق؛ ليعرف دائما أنه في كل فعل من أفعاله مختار؛ قادر؛ جبار؛ استثناه؛ فقال: إلا من شاء الله ؛ أي: الذي له مجامع العظمة؛ ومعاقد العز؛ فيجعل الشيء الواحد هلاكا لقوم؛ دون قوم؛ وصعقا لقوم دون قوم؛ يجعل ذلك الذي كان به الهلاك؛ به الحياة وذلك الذي كان به الغشي؛ به الإفاقة؛ وإن كان بالنسبة إليهم على حد سواء؛ إعلاما بأن الفاعل المؤثر الفعال لما يريد؛ لا الأثر؛ قيل: المستثنون الشهداء؛ وقيل: غيرهم؛ ثم نفخ فيه أخرى [ ص: 553 ] أي: نفخة ثانية من هذه؛ وهي رابعة من النفخة المميتة؛ ودل على سرعة تأثيرها بالفجاءة في قوله: فإذا هم قيام ؛ أي: قائمون كلهم؛ ينظرون ؛ أي: يقبلون بأبصارهم؛ أو ينتظرون ما يأتي بعد ذلك من أمثاله؛ من دلائل العظمة؛ وهاتان النفختان هما المرادتان في حديث تخاصم اليهود مع المسلم الذي لطم وجهه؛ وفي آخره: "يصعق الناس يوم القيامة؛ فأكون أول من يفيق؛ فإذا موسى باطش بجانب العرش؛ فلا أدري؛ أفاق قبلي؛ أو جوزي بصعقة الطور"؛ وقد رواه البخاري في الخصومات في موضعين؛ وفي أحاديث الأنبياء في موضعين؛ وفي الرقاق؛ وفي التوحيد؛ ومسلم ؛ في الفضائل؛ وأبو داود في السنة؛ والنسائي في التفسير؛ والنعوت؛ وبتفصيل رواياته وجمع ألفاظها؛ يعلم أن ما ذكرته هو المراد؛ روى البخاري ومسلم ؛ في أحاديث الأنبياء؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "بينما يهودي يعرض سلعة له - وقال البخاري : سلعته - أعطي بها شيئا كرهه؛ أو لم يرضه؛ قال: لا؛ والذي اصطفى موسى على البشر؛ فسمعه رجل من الأنصار؛ فلطم - وقال البخاري : فقام فلطم وجهه؛ [ ص: 554 ] قال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر؛ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا؟! فذهب اليهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا القاسم ؛ إن لي ذمة وعهدا؛ وقال: فلان لطم وجهي؛ - وقال البخاري : فما بال فلان لطم وجهي؟ - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم لطمت وجهه؟"؛ قال: قال يا رسول الله: والذي اصطفى موسى على البشر؛ وأنت بين أظهرنا؛ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عرف الغضب في وجهه؛ ثم قال: "لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات؛ ومن في الأرض؛ إلا من شاء الله؛ ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث - وفي رواية مسلم : أو في أول من بعث - فإذا موسى آخذ بالعرش؛ فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور؛ أو بعث قبلي؛ ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى"؛ وفي رواية للبخاري في تفسير "الزمر": "إني من أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة؛ فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش؛ فلا أدري أكذلك كان؛ أم بعد النفخة"؛ وفي رواية للبخاري؛ في الخصومات؛ والرقاق؛ وأحاديث الأنبياء؛ وهي لمسلم أيضا؛ قالا: استب رجلان: رجل من المسلمين؛ ورجل من اليهود - وفي رواية لمسلم: رجل من اليهود؛ ورجل من المسلمين -؛ فقال المسلم: والذي اصطفى محمدا - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 555 ] على العالمين؛ قال البخاري ؛ في كتاب التوحيد؛ وأحاديث الأنبياء: في قسم يقسم به؛ فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين؛ قال البخاري : فغضب المسلم عند ذلك فلطم وجه اليهودي؛ وقال مسلم ؛ وكذلك البخاري ؛ في التوحيد؛ والخصومات؛ وأحاديث الأنبياء: فرفع المسلم يده عند ذلك؛ فلطم وجه اليهودي؛ فذهب اليهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم؛ قال البخاري ؛ في الخصومات: فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلم؛ فسأله عن ذلك فأخبره - ثم اتفقا: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخيروني على موسى؛ فإن الناس يصعقون - قال البخاري في الرقاق؛ والخصومات؛ وأحاديث الأنبياء؛ ونسخة في التوحيد: يوم القيامة؛ فأكون في أول من يفيق - وفي رواية له في الخصومات: فأصعق معهم - وفي رواية له في الرقاق؛ وفي رواية في التوحيد؛ وهي رواية لمسلم؛ وأبي داود: فأكون أول من يفيق؛ فإذا موسى باطش بجانب العرش - وقال أبو داود : في جانب العرش -؛ فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي؛ أم كان ممن استثنى الله"؛ وفي رواية: "فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي؛ أو اكتفى بصعقة الطور"؛ وفي رواية للبخاري في أحاديث الأنبياء: "فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق؛ أو كان ممن استثنى الله"؛ ولم يذكر "قبلي"؛ وروى الحديث الترمذي ؛ في تفسير سورة "الزمر"؛ وابن ماجة ؛ في الزهد: [ ص: 556 ] قال: قال اليهودي - وقال ابن ماجة: رجل من اليهود - بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر؛ فرفع رجل من الأنصار يدا فصك بها وجهه - وقال ابن ماجة: فلطمه - قال: تقول هذا وفينا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ونفخ في الصور"؛ وقال ابن ماجة: تقول هذا وفينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قال الله (تعالى): ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ؛ فأكون أول من رفع رأسه؛ فإذا موسى آخذ - وقال ابن ماجة: فإذا أنا بموسى آخذ - بقائمة من قوائم العرش؛ فلا أدري أرفع رأسه قبلي أم كان ممن استثنى الله؛ ومن قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب"؛ وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح؛ وفي رواية للبخاري في الرقاق: "يصعق الناس حين يصعقون؛ فأكون أول من قام؛ فإذا موسى آخذ بالعرش؛ فما أدري أكان فيمن صعق"؛ قال: ورواه أبو سعيد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه؛ وللبخاري؛ في الخصومات؛ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس؛ جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم ؛ ضرب وجهي رجل من أصحابك؛ قال: "من؟"؛ قال: رجل من الأنصار؛ قال: "ادعوه"؛ قال: "ضربته؟"؛ قال: سمعته بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر؛ قلت: أي [ ص: 557 ] خبيث على محمد؛ فأخذتني غضبة؛ ضربت وجهه؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخيروا بين الأنبياء؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض - وفي رواية؛ في أحاديث الأنبياء: فأكون أول من يفيق - فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش؛ فلا أدري أكان فيمن صعق؛ أم حوسب بصعقته الأولى"؛ وفي رواية في أحاديث الأنبياء: "فلا أدري أفاق قبلي أو حوسب بصعقة الطور"؛ والله أعلم؛ هذا ما رأيته من ألفاظ الحديث في الكتب الستة؛ وأما معنى "صعق"؛ فإنه: صاح؛ ومات فجأة؛ أو غشي عليه؛ قال في القاموس: الصاعقة: الموت؛ وكل عذاب مهلك؛ وصيحة العذاب؛ و"صعق - كـ "سمع" - صعقا"؛ ويحرك؛ و"صعقة"؛ و"تصعاقا": غشي عليه؛ و"الصعق"؛ محركة: شدة الصوت؛ وكـ "كتف": الشديد الصوت؛ وقال عبد الحق في الواعي: الأزهري : "الصاعقة": صوت الرعد الشديد؛ الذي يصعق منه الإنسان؛ أي: يغشى عليه؛ يقال: "صعقتهم الصاعقة"؛ يعني بالفتح؛ و"أصعقتهم"؛ إذا أصابتهم؛ فصعقوا؛ وصعقوا؛ ومنه حديث الحسن: "ينتظر بالمصعوق ثلاثا؛ ما لم يخافوا عليه نتنا"؛ يعني الذي مات فجأة؛ قال: و"الصاعقة": مصدر جاء على "فاعلة"؛ تقول: "سمعت صاعقة الرعد؛ وثاغية الشاء؛ وقوله: [ ص: 558 ] وخر موسى صعقا أي: مغشيا عليه؛ دل على ذلك قوله - سبحانه - فلما أفاق إنما يقال: "أفاق"؛ من العلة؛ والغشية؛ و"بعث"؛ من الموت؛ قال: وجملة الصاعقة: الصوت مع النار؛ وقال أبوعبد الله ؛ يعني: القزاز: الصعق هو أن يسمع الإنسان صوت الهدة الشديدة؛ فيصعق لذلك عقله؛ واشتقاق "الصاعقة"؛ من هذا؛ سميت "صاعقة"؛ لشدة صوتها؛ وتقول: "إنه لصعق"؛ أي: شديد الصوت؛ وكذا "هو صعاق"؛ انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      فتحرر من هذا أن الصعق يطلق على الموت فجأة؛ وعلى الغشي كذلك؛ وأن الإفاقة لا تكون إلا عن غشي؛ لا عن موت؛ فعلم أن الصعقة في هذه الآية إنما هي غشي؛ لأن الثانية عنها إفاقة؛ وأيضا فمن الأمر المحقق أنه لا يموت أحد من أهل البرزخ؛ فكيف بالأنبياء - عليهم السلام -؟! فالصواب حمل الصعقة المذكورة في الحديث على الغشي؛ أو ما يشبهه؛ ويؤيده التجويز لأن تكون صعقة الطور جزاء عنها؛ وعلى تقدير أن تكون غشيا؛ إن قلنا إنه يكون بنفخة الإماتة؛ يلزم عليه ألا يكون للغشي؛ ولا لعدمه مدخل في الشك في أن موسى - عليه السلام - أفاق قبل؛ أو لم يحصل له غشي أصلا؛ لأن الذي يكون به بطشه بالعرش - وهو بروحه وجسده - إنما هو البعث من الموت؛ لا الإفاقة من الغشي؛ ولا عدم الغشي قبل البعث؛ فالذي يوضح الأمر؛ ولا يدع فيه لبسا أن يكون ذلك بعد البعث؛ وتكون حينئذ النفخات أربعا؛ الأولى لإماتة الأحياء؛ الثانية لإحياء جميع الموتى؛ وهاتان هما المذكورتان في سورة "يـس"؛ [ ص: 559 ] ولذلك لما ذكرهما صرح في أمرهما بما لا يحتمل غيره: ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ؛ الثالثة لابتدائهم بعد البعث بالهول الشديد؛ والحال يقتضيه؛ لأن ذلك اليوم يوم الأهوال؛ والإرعاب؛ والإرهاب؛ وإظهار العظمة؛ والجلال؛ لتقطيع الأسباب؛ والذي يدل عليه في هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - في كثير من رواياته: "فإن الناس يصعقون يوم القيامة"؛ فإن يوم القيامة اسم للوقت الذي أوله البعث؛ وآخره تكامل دخول كل فريق إلى داره؛ ومحل استقراره؛ وأما صعقة الموت فإنها في دار الدنيا؛ وهي للإنامة؛ لا للإقامة؛ ويضعف حمله على ما قبل البعث الروايات الصحيحة الجازمة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول من تنشق عنه الأرض؛ وما حكاه الكرماني من الإجماع على ذلك؛ ولا فخر فيه إلا بحصول البعث؛ لا بإظهار الجسد من غير بعث؛ فهذا الجزم ينافي ذلك الشك؛ فإذا كان المراد بما في الحديث الغشي؛ كانت نفخة أخرى للإيقاظ منه؛ وهاتان المرادتان بما في هذه السورة؛ كما في رواية الترمذي ؛ وما في "النمل"؛ ولذلك عبر عنها بالفزع؛ ويؤيد ذلك التعبير في رواية البخاري ؛ في التفسير؛ بالنفخة الآخرة؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوتي [ ص: 560 ] جوامع الكلم؛ واختصر له الكلام اختصارا؛ ولو أنهما نفختان فقط؛ كان التعبير بالآخرة قاصرا عما تفيده الثانية؛ مع المساواة في عدة الحروف؛ وهو مما لا يظن ببليغ؛ فكيف بأبلغ الخلق؛ المؤيد بروح القدس - صلى الله عليه وسلم -؟! فكان العدول عن الثانية إلى الآخرة مفيدا أنها أربع؛ ولعل ذلك معنى: أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين وسميت إماتة لشدة الغشي بها؛ لعظم أمرها؛ ومعنى زلزلة الساعة التي تسكر؛ ويؤيده التعبير عن القيام منها بالإفاقة؛ لا بالبعث؛ ولا يعكر على هذا شيء إلا رواية البخاري ؛ في الخصومات: "فأكون أول من تنشق عنه الأرض؛ فإذا أنا بموسى..."؛ إلى آخره؛ فالظاهر أن راويها وهم؛ أو روى بالمعنى؛ فما وفى بالغرض؛ والراجح روايات من قالوا: "فأكون أول من يفيق"؛ بالكثرة؛ وبزوال الإشكال؛ هذا ما كان ظهر لي في النظر في المعنى؛ وتطبيق الآيات والأحاديث عليه؛ ثم رأيت شيخنا حافظ عصره؛ أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني المصري - رحمه الله - نقل ما جمعت به بين الروايات؛ في كتاب الأنبياء؛ من شرحه للبخاري؛ عن القاضي عياض؛ فقال: وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث؛ حين تنشق السماء والأرض؛ وأقره على ذلك؛ ثم نقل عن ابن حزم عين ما قلته في النفخات؛ فقال ما نصه: تكميل: زعم ابن حزم أن النفخات يوم القيامة أربع؛ الأولى نفخة إماتة؛ يموت فيها من بقي في الأرض [ ص: 561 ] حيا؛ ثانيتها نفخة إحياء؛ فيقوم كل ميت؛ والثالثة نفخة فزع؛ وصعق؛ يفيقون منها كالمغشي عليهم؛ لا يموت منها أحد؛ والرابعة إفاقة من ذلك الغشي؛ ثم رده شيخنا بأن الصعقات أربع؛ ولا يستلزم كون النفخات أكثر من اثنتين؛ وذلك أنه ينفخ في الصور النفخة الأولى؛ فيموت من كان حيا؛ ويغشى على من كان ميتا؛ فهاتان صعقتان في النفخة الأولى؛ وينفخ النفخة الثانية فيفيق من كان مغشيا عليه؛ ويحيا من كان ميتا؛ فهاتان اثنتان في النفخة الثانية؛ وهذا الرد مردود لمن حقق ما قلته بأدنى تأمل؛ ويلزم عليه أن يكون أصفياء الله أشد حالا وفزعا ممن تقوم عليهم الساعة؛ وهم شر عباد الله؛ والعجب أن الذي رده على ابن حزم سلمه لعياض؛ والله الموفق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية