الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ( 13 ) )

يقول - تعالى ذكره - : يدخل الليل في النهار وذلك ما نقص من الليل أدخله في النهار فزاده فيه ، ويولج النهار في الليل وذلك ما نقص من أجزاء النهار زاد في أجزاء الليل فأدخله فيها .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) زيادة هذا فى نقصان هذا ، ونقصان هذا في زيادة هذا .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) يقول : هو انتقاص أحدهما من الآخر .

[ ص: 451 ] وقوله ( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) يقول : وأجرى لكم الشمس والقمر نعمة منه عليكم ، ورحمة منه بكم ; لتعلموا عدد السنين والحساب ، وتعرفوا الليل من النهار .

وقوله ( كل يجري لأجل مسمى ) يقول : كل ذلك يجري لوقت معلوم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) أجل معلوم ، وحد لا يقصر دونه ولا يتعداه .

وقوله ( ذلكم الله ربكم ) يقول : الذي يفعل هذه الأفعال معبودكم أيها الناس الذي لا تصلح العبادة إلا له ، وهو الله ربكم .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ذلكم الله ربكم له الملك ) أي : هو الذي يفعل هذا .

وقوله ( له الملك ) يقول - تعالى ذكره - : له الملك التام الذي لا شيء إلا وهو في ملكه وسلطانه .

وقوله ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) يقول - تعالى ذكره - : والذين تعبدون أيها الناس من دون ربكم الذي هذه الصفة التي ذكرها في هذه الآيات الذي له الملك الكامل ، الذي لا يشبهه ملك ، صفته ( ما يملكون من قطمير ) يقول : ما يملكون قشر نواة فما فوقها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل [ ص: 452 ] .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا عوف ، عمن حدثه ، عن ابن عباس في قوله ( ما يملكون من قطمير ) قال : هو جلد النواة .

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( من قطمير ) يقول : الجلد الذي يكون على ظهر النواة .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ما يملكون من قطمير ) يعني : قشر النواة .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( من قطمير ) قال : لفافة النواة كسحاة البيضة .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله ( ما يملكون من قطمير ) والقطمير : القشرة التي على رأس النواة .

حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن جويبر عن بعض أصحابه في قوله ( ما يملكون من قطمير ) قال : هو القمع الذي يكون على التمرة .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عامر قال : ثنا مرة ، عن عطية قال : القطمير : قشر النواة .

التالي السابق


الخدمات العلمية