الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين

                                                                                                                                                                                                                                      73 - وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ؛ المراد سوق مراكبهم؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين؛ إلى دار الكرامة والرضوان؛ كما يفعل بمن يكرم؛ ويشرف من الوافدين على بعض الملوك؛ حتى إذا جاءوها ؛ هي التي تحكى بعدها الجمل؛ والجمل المحكية بعدها هي الشرطية؛ إلا أن جزاءها محذوف؛ وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة؛ فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف؛ وقال الزجاج: تقديره: "حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين؛ دخلوها"؛ فحذف "دخلوها"؛ لأن في الكلام دليلا عليه؛ وقال قوم: "حتى إذا جاءوها جاءوها وفتحت أبوابها"؛ فعندهم "جاءوها"؛ محذوف؛ والمعنى: "حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها"؛ وقيل: أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها؛ وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها؛ لقوله (تعالى): جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ؛ فلذلك جيء بالواو؛ وكأنه قال: "حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها"؛ طبتم ؛ من دنس المعاصي؛ وطهرتم من خبث الخطايا؛ وقال الزجاج: أي: كنتم طيبين في الدنيا؛ ولم تكونوا خبيثين؛ أي: لم تكونوا أصحاب خبائث؛ وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: "طاب لكم المقام"؛ وجعل دخول الجنة مسببا عن الطيب؛ والطهارة؛ لأنها دار الطيبين؛ ومثوى الطاهرين؛ قد طهرها الله من كل دنس؛ وطيبها من كل قذر؛ فلا يدخلها إلا مناسب لها؛ موصوف بصفتها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية