الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 360 ] 408 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان من أم سليم من أخذها عرقه واستعمالها إياه في طيبها : هل هو إمضاؤه ذلك لها أو نهيه إياها عنه

2531 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال : حدثنا الشافعي قال : حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، عن أيوب السختياني ، عن أنس بن سيرين ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم فتبسط له نطعا فيقيل عليه ، فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها .

2532 - حدثنا علي بن عبد الرحمن قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا وهيب بن خالد قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، [ ص: 361 ] عن أم سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعا فيقيل ، وكان كثير العرق فتجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير .

قال أبو جعفر : فكان هذا مما ليس فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يدل على حكم عرقه من طهارة ومما سواها ؛ لأن ما ذكر فيه ، فإنما هو عن أم سليم ، وقد يجوز أن يكون لم يكن علمه صلى الله عليه وسلم فيبيحه لها ، أو ينهاها عنه ، فالتمسنا ذلك هل نجده في غير هذا الحديث أم لا . ؟

2533 - فوجدنا بكار بن قتيبة قد حدثنا قال : حدثنا أبو المطرف بن أبي الوزير قال : حدثنا محمد بن موسى قال أبو جعفر : وهو الفطري عن عبد الله بن عبد الله قال أبو جعفر : وهو ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اضطجع على نطع فعرق ، فقامت أم سليم إلى عرقه فنشفته فجعلته في قارورة ، وفرغ لها النبي صلى الله عليه وسلم فسألها فقالت : يا رسول الله أردت أن أجعل عرقك في طيبي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 362 ]

2534 - ووجدنا أبا أمية قد حدثنا قال : حدثنا الأسود بن عامر قال : أنبأنا إسرائيل ، عن عمارة بن زاذان ، عن ثابت ، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيل عند أم سليم ، وكان كثير العرق فأعتدت له نطعا يقيل عليه ، فكانت تأخذ عرقه فتجعله في قارورة فقال : ما هذا يا أم سليم ؟ فقالت : عرقك يا رسول الله أجعله في طيبي .

قال أبو جعفر : فكان في هذين الحديثين ذكر وقوف النبي صلى الله عليه وسلم على ما كان من أم سليم في ذلك وتركه النكير على ما كان منها فيه فدل ذلك على طهارته كان عنده ، وعقلنا بذلك أن الأعراق حكمها [ ص: 363 ] حكم لحمان أهلها ، وأن بني آدم الطاهرة لحومهم أعراقهم طاهرة أيضا ، وأن ما سواهم من الأشياء المأكولة لحومها كذلك أيضا في طهارة أعراقها ، وأن الأشياء الممنوع من أكل لحومها لتحريم أو لكراهة أعراقها لها حكم لحومها في ذلك . والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية