صلة بن أشيم
الزاهد ، العابد ، القدوة أبو الصهباء العدوي البصري ، زوج العالمة
معاذة العدوية .
ما علمته روى سوى حديث واحد عن
ابن عباس .
حدث عنه : أهله
معاذة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15771وحميد بن هلال ،
وثابت البناني ، وغيرهم .
ابن المبارك في " الزهد " : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
يكون في أمتي رجل يقال له : صلة ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا .
هذا حديث معضل .
جعفر بن سليمان : عن
يزيد الرشك ، عن
معاذة ، قالت : كان
أبو الصهباء يصلي حتى ما يستطيع أن يأتي فراشه إلا زحفا .
[ ص: 498 ]
وقالت
معاذة : كان أصحابه - تعني :
صلة - إذا التقوا ، عانق بعضهم بعضا .
وقال
ثابت : جاء رجل إلى
صلة بنعي أخيه ، فقال له : ادن فكل ، فقد نعي إلي أخي منذ حين ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت وإنهم ميتون [ الزمر : 30 ] .
وقال
حماد بن سلمة : أخبرنا
ثابت : أن
صلة كان في الغزو ، ومعه ابنه ، فقال : أي بني ! تقدم ، فقاتل حتى أحتسبك ، فحمل ، فقاتل ، حتى قتل ، ثم تقدم
صلة ، فقتل ، فاجتمع النساء عند امرأته
معاذة ، فقالت : مرحبا إن كنتن جئتن لتهنئنني ، وإن كنتن جئتن لغير ذلك ، فارجعن .
جرير بن حازم : عن
حميد بن هلال ، عن
صلة ، قال : خرجنا في قرية وأنا على دابتي في زمان فيوض الماء ، فأنا أسير على مسناة فسرت يوما لا أجد ما آكل ، فلقيني علج يحمل على عاتقه شيئا ، فقلت : ضعه ، فإذا هو خبز . قلت : أطعمني . فقال : إن شئت ولكن فيه شحم خنزير ، فتركته . ثم لقيت آخر ، فقلت : أطعمني . قال : هو زادي لأيام . فإن نقصته ، أجعتني . فتركته . فوالله إني لأسير ، إذ سمعت خلفي وجبة كوجبة الطير ، فالتفت ، فإذا هو شيء ملفوف في سب أبيض ، فنزلت إليه ، فإذا دوخلة من رطب في زمان ليس في الأرض رطبة ، فأكلت منه ، ثم لففت ما بقي ، وركبت الفرس ، وحملت معي نواهن .
[ ص: 499 ]
قال
جرير بن حازم : فحدثني
أوفى بن دلهم قال : رأيت ذلك السب مع امرأته فيه مصحف ، ثم فقد بعد .
وروى نحوه
عوف ، عن
أبي السليل ، عن
صلة .
فهذه كرامة ثابتة
ابن المبارك : حدثنا
مسلم بن سعيد ، أخبرنا
حماد بن جعفر بن زيد ، أن أباه أخبره ، قال : خرجنا في غزاة إلى
كابل ، وفي الجيش
صلة ، فنزلوا ، فقلت : لأرمقن عمله ؛ فصلى ، ثم اضطجع ، فالتمس غفلة الناس ، ثم وثب ، فدخل غيضة ، فدخلت ، فتوضأ وصلى ، ثم جاء أسد حتى دنا منه ، فصعدت شجرة ، أفتراه التفت إليه حتى سجد ؟ فقلت : الآن يفترسه فلا شيء ، فجلس ، ثم سلم . فقال : يا سبع ! اطلب الرزق بمكان آخر . فولى وإن له زئيرا أقول ؛ تصدع منه الجبل ، فلما كان عند الصبح ، جلس ، فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها ، ثم قال : اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة ؟ .
ابن المبارك : عن
السري بن يحيى ، حدثنا
العلاء بن هلال ، أن رجلا قال
لصلة : يا
أبا الصهباء ! رأيت أني أعطيت شهدة ، وأعطيت شهدتين ، فقال : تستشهد وأنا وابني ، فلما كان يوم
يزيد بن زياد ؛ لقيتهم
الترك بسجستان ، فانهزموا . وقال
صلة : يا بني ارجع إلى أمك . قال : يا أبه ؛ تريد الخير لنفسك ، وتأمرني بالرجوع ! قال : فتقدم ، فتقدم ، فقاتل حتى
[ ص: 500 ] أصيب ، فرمى
صلة عن جسده ، وكان راميا ، حتى تفرقوا عنه ، وأقبل حتى قام عليه ، فدعا له ، ثم قاتل حتى قتل .
قلت : وكانت هذه الملحمة سنة اثنتين وستين - رحمهما الله تعالى .
صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ
الزَّاهِدُ ، الْعَابِدُ ، الْقُدْوَةُ أَبُو الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ ، زَوْجُ الْعَالِمَةِ
مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ .
مَا عَلِمْتُهُ رَوَى سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
حَدَّثَ عَنْهُ : أَهْلُهُ
مُعَاذَةُ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15771وَحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ ،
وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ .
ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي " الزُّهْدِ " : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16351عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : صِلَةُ ، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا .
هَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلٌ .
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ : عَنْ
يَزِيدَ الرِّشْكِ ، عَنْ
مُعَاذَةَ ، قَالَتْ : كَانَ
أَبُو الصَّهْبَاءِ يُصَلِّي حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلَّا زَحْفًا .
[ ص: 498 ]
وَقَالَتْ
مُعَاذَةُ : كَانَ أَصْحَابُهُ - تَعْنِي :
صِلَةَ - إِذَا الْتَقَوْا ، عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
وَقَالَ
ثَابِتٌ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
صِلَةَ بِنَعْيِ أَخِيهِ ، فَقَالَ لَهُ : ادْنُ فَكُلْ ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِينٍ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [ الزُّمَرِ : 30 ] .
وَقَالَ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ : أَخْبَرَنَا
ثَابِتٌ : أَنَّ
صِلَةَ كَانَ فِي الْغَزْوِ ، وَمَعَهُ ابْنُهُ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! تَقَدَّمْ ، فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ ، فَحَمَلَ ، فَقَاتَلَ ، حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ تَقَدَّمَ
صِلَةُ ، فَقُتِلَ ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ
مُعَاذَةَ ، فَقَالَتْ : مَرْحَبًا إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّئْنَنِي ، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَارْجِعْنَ .
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ : عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ
صِلَةَ ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي قَرْيَةٍ وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَانِ فُيُوضِ الْمَاءِ ، فَأَنَا أَسِيرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ فَسِرْتُ يَوْمًا لَا أَجِدُ مَا آكُلُ ، فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا ، فَقُلْتُ : ضَعْهُ ، فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ . قُلْتُ : أَطْعِمْنِي . فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ فِيهِ شَحْمُ خِنْزِيرٍ ، فَتَرَكْتُهُ . ثُمَّ لَقِيتُ آخَرَ ، فَقُلْتُ : أَطْعِمْنِي . قَالَ : هُوَ زَادِي لِأَيَّامٍ . فَإِنْ نَقَصْتَهُ ، أَجَعْتَنِي . فَتَرَكْتُهُ . فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسِيرُ ، إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وَجْبَةً كَوَجْبَةِ الطَّيْرِ ، فَالْتَفَتُّ ، فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ أَبْيَضَ ، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا دَوْخَلَةٌ مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ رُطَبَةٌ ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ ، وَحَمَلْتُ مَعِيَ نَوَاهُنَّ .
[ ص: 499 ]
قَالَ
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ : فَحَدَّثَنِي
أَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ قَالَ : رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ فِيهِ مُصْحَفٌ ، ثُمَّ فُقِدَ بَعْدُ .
وَرَوَى نَحْوَهُ
عَوْفٌ ، عَنْ
أَبِي السَّلِيلِ ، عَنْ
صِلَةَ .
فَهَذِهِ كَرَامَةٌ ثَابِتَةٌ
ابْنُ الْمُبَارَكِ : حَدَّثَنَا
مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ ، أَخْبَرَنَا
حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي غَزَاةٍ إِلَى
كَابُلَ ، وَفِي الْجَيْشِ
صِلَةُ ، فَنَزَلُوا ، فَقُلْتُ : لَأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ ؛ فَصَلَّى ، ثُمَّ اضْطَجَعَ ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ ، ثُمَّ وَثَبَ ، فَدَخَلَ غَيْضَةً ، فَدَخَلْتُ ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ ، فَصَعِدْتُ شَجَرَةً ، أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ حَتَّى سَجَدَ ؟ فَقُلْتُ : الْآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلَا شَيْءَ ، فَجَلَسَ ، ثُمَّ سَلَّمَ . فَقَالَ : يَا سَبُعُ ! اطْلُبِ الرِّزْقَ بِمَكَانٍ آخَرَ . فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ زَئِيرًا أَقُولُ ؛ تَصَدَّعَ مِنْهُ الْجَبَلُ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ، جَلَسَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ ، أَوَ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ ؟ .
ابْنُ الْمُبَارَكِ : عَنِ
السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا
الْعَلَاءُ بْنُ هِلَالٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ
لِصِلَةَ : يَا
أَبَا الصَّهْبَاءِ ! رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شُهْدَةً ، وَأُعْطِيتَ شُهْدَتَيْنِ ، فَقَالَ : تُسْتَشْهَدُ وَأَنَا وَابْنِي ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ؛ لَقِيَتْهُمُ
التُّرْكُ بِسِجِسْتَانَ ، فَانْهَزَمُوا . وَقَالَ
صِلَةُ : يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ . قَالَ : يَا أَبَهْ ؛ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ ، وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ ! قَالَ : فَتَقَدَّمْ ، فَتَقَدَّمَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى
[ ص: 500 ] أُصِيبَ ، فَرَمَى
صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ ، وَكَانَ رَامِيًا ، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ ، وَأَقْبَلَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ ، فَدَعَا لَهُ ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .
قُلْتُ : وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَلْحَمَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى .