الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب متى يفطر المسافر إذا خرج

                                                                      2412 حدثنا عبيد الله بن عمر حدثني عبد الله بن يزيد ح و حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا عبد الله بن يحيى المعنى حدثني سعيد بن أبي أيوب وزاد جعفر والليث حدثني يزيد بن أبي حبيب أن كليب بن ذهل الحضرمي أخبره عن عبيد قال جعفر ابن جبر قال كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع ثم قرب غداه قال جعفر في حديثه فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة قال اقترب قلت ألست ترى البيوت قال أبو بصرة أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعفر في حديثه فأكل [ ص: 44 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 44 ] ( عبيد الله بن عمر ) : البصري القواريري ( حدثني عبد الله بن يزيد ) : أبو عبد الرحمن المصري نزيل مكة ( أخبرنا عبد الله بن يحيى ) : المعافري البرلسي ( المعنى ) : أي معنى حديث عبد الله بن يزيد وعبد الله بن يحيى واحد ( حدثني ) : أي قال كل واحد منهما : حدثني سعيد بن أبي أيوب ( زاد جعفر ) : أي قال جعفر بن مسافر في روايته عن عبد الله بن يحيى ( والليث ) : بالرفع أي حدثني سعيد والليث قال : أي سعيد بن أبي أيوب وكذا قال الليث ( حدثني يزيد بن أبي حبيب ) : والحاصل أن في رواية عبيد الله بن عمر واسطة سعيد بن أبي أيوب بين عبد الله بن يزيد ويزيد بن أبي حبيب ، وفي رواية جعفر واسطة الليث بن سعد أيضا بين عبد الله بن يحيى ويزيد بن أبي حبيب .

                                                                      وأخرج أحمد في مسنده من طريق أبي عبد الرحمن حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني يزيد بن أبي حبيب أن كليب بن ذهل أخبره فذكر الحديث نحوه .

                                                                      وأخرج أحمد حديثا آخر غير هذا الحديث من طريق حجاج ويونس قالا : حدثنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب فذكره ( عن عبيد ) : بغير ذكر نسب هكذا في رواية عبيد الله بن [ ص: 45 ] عمر ( قال جعفر ) بن مسافر في روايته ( ابن جبر ) : أي عبيد بن جبير ولفظ جبر هكذا وقع بفتح الجيم مكبرا في نسخ الكتاب وهكذا في الخلاصة وأما في الميزان والتقريب فبضم الجيم مصغرا .

                                                                      قال الحافظ : هو القبطي مولى أبي بصرة ، وذكر يعقوب بن سفيان في الثقات وقال ابن خزيمة لا أعرفه انتهى

                                                                      .

                                                                      ( في سفينة من الفسطاط ) : بضم الفاء أو كسرها فسكون السين المدينة التي فيها مجمع الناس ويقال لمصر والبصرة الفسطاط قاله السندي وفي النيل : هو اسم علم لمصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص انتهى .

                                                                      والجار والمجرور صفة سفينة أي خرجت السفينة من الفسطاط .

                                                                      وفي رواية لأحمد قال : ركبت مع أبي بصرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة .

                                                                      وفي رواية له ركبت مع أبي بصرة السفينة وهو يريد الإسكندرية ( فرفع ) : بالراء بصيغة المجهول أي رفع أبو بصرة ومن كان معه على السفينة .

                                                                      وفي رواية لأحمد فدفع بالدال وهو الواضح وفي رواية له : فلما دفعنا من مرسانا أمر بسفرته فقربت ( غداؤه ) : أي طعام أول النهار ( قال ) : أبو بصرة ( اقترب ) : أي لأجل الطعام ، وفي رواية لأحمد ثم دعاني إلى الغداء ( ألست ترى البيوت ) : وفي رواية لأحمد ما تغيب عنا منازلنا بعد ( أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وأخرج الترمذي من حديث محمد بن كعب قال : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر ، أو قد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت له سنة ؟ فقال : سنة .

                                                                      ثم ركب انتهى .

                                                                      وقول الصحابي من السنة ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صرح هذان الصحابيان [ ص: 46 ] بأن الإفطار للمسافر قبل مجاوزة البيوت من السنة .

                                                                      قال الخطابي : فيه حجة لمن رأى للمقيم ذي الصيام إذا سافر من يومه أن يفطر ، وهو قول الشعبي وإليه ذهب أحمد بن حنبل ، وعن الحسن أنه قال : يفطر إن شاء وهو في بيته يوم يريد أن يخرج .

                                                                      وقال إسحاق ابن راهويه : إذا وضع رجله في الرحل فله أن يفطر ، وحكاه عن أنس بن مالك وشبهوه بمن أصبح صائما ثم مرض في يومه فإن له أن يفطر من أجل المرض قالوا : فكذلك من أصبح صائما ، ثم سافر لأن كل واحد من الأمرين سبب للرخصة حدث بعد ما مضى شيء من النهار .

                                                                      قلت : والسفر لا يشبه المرض لأن السفر من فعله وهو الذي ينشئه باختياره ، والمرض شيء يحدث عليه لا باختياره ، فهو يعذر فيه ولا يعذر في السفر الذي فعل نفسه .

                                                                      ولو كان في الصلاة فمرض كان له أن يصلي قاعدا ، ولو سافر وهو صائم لم يكن له أن يفطر .

                                                                      وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يفطر إذا سافر يومه ذلك ، وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي ، وروي ذلك عن النخعي ومكحول والزهري .

                                                                      قلت : وهذا أحوط الأمرين .

                                                                      والإقامة إذا اختلط حكمها بحكم السفر غلب حكم المقام انتهى كلامه .

                                                                      وقال الشوكاني : والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجال إسناده ثقات .

                                                                      وأخرج البيهقي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أنه كان يسافر وهو صائم فيفطر من يومه .




                                                                      الخدمات العلمية