الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شأم

                                                          شأم : الشؤم : خلاف اليمن . ورجل مشئوم على قومه ، والجمع مشائيم نادر ، وحكمه السلامة ; أنشد سيبويه للأحوص اليربوعي :


                                                          مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا بشؤم غرابها



                                                          رد ناعبا على موضع مصلحين ، وموضعه خفض بالباء أي ليسوا بمصلحين لأن قولك : ليسوا مصلحين وليسوا بمصلحين معناهما واحد ، وقد تشاءموا به . وفي الحديث : إن كان الشؤم ففي ثلاث ; معناه إن كان فيما تكره عاقبته ويخاف ففي هذه الثلاث ، وتخصيصه لها ; لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها ، قال : فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس ، وقيل : شؤم الدار ضيقها وسوء جارها [ ص: 7 ] وشؤم المرأة أن لا تلد ، وشؤم الفرس أن لا ينزى عليها ، والواو في الشؤم همزة ، ولكنها خففت فصارت واوا ، وغلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة ، وقد شئم عليهم وشؤم وشأمهم ، وما أشأمه ، وقد تشاءم به . والمشأمة : الشؤم . ويقال : شأم فلان أصحابه إذا أصابهم شؤم من قبله . الجوهري : يقال : ما أشأم فلانا ، والعامة تقول ما أيشمه . وقد شأم فلان على قومه يشأمهم ، فهو شائم إذا جر عليهم الشؤم ، وقد شئم عليهم فهو مشئوم إذا صار شؤما عليهم . وطائر أشأم : جار بالشؤم . ويقال : هذا طائر أشأم وطير أشأم ، والجمع الأشائم ، والأشائم نقيض الأيامن ; وأنشد أبو عبيدة :

                                                          ،

                                                          فإذا الأشائم كالأيامن     والأيامن كالأشائم



                                                          قال أبو الهيثم : العرب تقول أشأم كل امرئ بين لحييه ، قال : أشأم في معنى الشؤم يعني اللسان ، وأنشد لزهير :


                                                          فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم     كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم



                                                          قال : غلمان أشأم أي غلمان شؤم ; قال الجوهري : وهو أفعل بمعنى المصدر ; لأنه أراد غلمان شؤم فجعل اسم الشؤم أشأم كما جعلوا اسم الضر الضراء ، فلهذا لا يقولوا شأماء ، كما لم يقولوا أضر للمذكر إذا كان لا يقع بين مؤنثه ومذكره فصل ; لأنه بمعنى المصدر . ويقولون : قد يمن فلان على قومه فهو ميمون عليهم ، وقد شئم عليهم فهو مشئوم عليهم بهمزة واحدة بعدها واو ، وقوم مشائيم وقوم ميامين . ورجل شآم وتهام إذا نسبت إلى تهامة والشأم ، وكذلك رجل يمان ، زادوا ألفا فخففوا ياء النسبة . وفي الحديث : إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة ; تشاءمت : أخذت نحو الشأم . ويقال : تشاءم الرجل إذا أخذ نحو شماله . وأشأم وشاءم إذا أتى الشأم ، ويامن القوم وأيمنوا إذا أتوا اليمن . وفي صفة الإبل : ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم ، يعني الشمال ; ومنه قيل لليد الشمال الشؤمى تأنيث الأشأم ، يريد بخيرها لبنها لأنها إنما تحلب وتركب من الجانب الأيسر . وفي حديث عدي : فينظر أيمن منه وأشأم فلا يرى إلا ما قدم . والشؤمى من اليدين : نقيض اليمنى ، ناقضوا بالاسمين حيث تناقضت الجهتان ; قال القطامي يصف الكلاب والثور :


                                                          فخر على شؤمى يديه فذادها     بأظمأ من فرع الذؤابة أسحما



                                                          والشأمة : خلاف اليمنة . والمشأمة : خلاف الميمنة . والشأم : بلاد تذكر وتؤنث ، سميت بها ؛ لأنها عن مشأمة القبلة ; وقال ابن بري : شاهد التأنيث قول جواس بن القعطل :


                                                          جئتم من البلد البعيد نياطه     والشأم تنكر كهلها وفتاها



                                                          قال : كهلها وفتاها بدل من الشأم ; وشاهد التذكير قول الآخر :


                                                          يقولون إن الشأم يقتل أهله     فمن لي إن لم آته بخلود

                                                          ، وقال عثمان بن جني : الشأم مذكر ، واستشهد عليه بهذا البيت ، وأجاز تأنيثه في الشعر ، ذكر ذلك في باب الهجاء من الحماسة ، قال : وقد جاء الشآم لغة في الشأم ; قال المجنون :


                                                          وخبرت ليلى بالشآم مريضة     فأقبلت من مصر إليها أعودها

                                                          ، وقال آخر :


                                                          أتتنا قريش قضها بقضيضها     وأهل الشآم والحجاز تقصف



                                                          وأما قول الشاعر :


                                                          أزمان سلمى لا يرى مثلها ال     راءون في شأم ولا في عراق



                                                          إنما نكره ; لأنه جعل كل جزء منه شأما ، كما احتاج إلى تنكير العراق ، فجعل كل جزء منه عراقا ، وهي الشآم ، والنسب إليها شامي ، وشآم على فعال ولا تقل شأم ، وما جاء في ضرورة الشعر فمحمول على أنه اقتصر من النسبة على ذكر البلد ; قال ابن بري : شاهد شآم في النسبة قول أبي الدرداء ميسرة :


                                                          فهاتيك النجوم     وهن خرس ينحن على معاوية الشآم



                                                          وامرأة شآمية وشآمية مخففة الياء . والمشأمة : الميسرة ، وكذلك الشأمة ، وأشأم الرجل والقوم : أتوا الشأم أو ذهبوا إليها ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          سمعت بنا قيل الوشاة ، فأصبحت     صرمت حبالك في الخليط المشئم



                                                          وتشأم الرجل : انتسب إلى الشأم مثل تقيس وتكوف . ويامن بأصحابك أي خذ بهم يمنة ، وشائم بأصحابك خذ بهم شأمة أي ذات الشمال أو خذ بهم إلى الشأم ، ولا يقال تيامن بهم . ويقال : قعد فلان يمنة وقعد فلان شأمة ونظرت يمنة وشأمة . ويقال : شأمت القوم أي يسرتهم . ويقال : تشاءم أخذ ناحية الشأم ، فإذا أردت خذ ناحية الشأم قلت شائم ، فإذا أردت أتى الشأم قلت أشأم ، وكذلك أيمن إذا أتى اليمن ، وتيامن إذا أخذ ناحية اليمن ، ويامن إذا أخذ ناحية اليمن . والشئمة مهموزة : الطبيعة ; حكاها أبو زيد و اللحياني ، وقال ابن جني : قد همز بعضهم الشئمة ولم يعلله ; قال ابن سيده : والذي عندي فيه أن همزه نادر ; لأنه ليس هنالك ما يوجبه وذكر ابن الأثير في شأم قال : وفي حديث ابن الحنظلية : حتى تكونوا كأنكم شأمة في الناس ، قال : الشأمة الخال في الجسد معروفة ، أراد كونوا في أحسن زي ، وهيئة حتى تظهروا للناس وينظروا إليكم ، كما تظهر الشأمة وينظر إليها دون باقي الجسد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية