الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        الخامس في حكمها فمنه ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل ومنه أن لا يوكل إلا بإذن أو تعميم - [ ص: 141 ] ومنه أنه أمين فيما في يده كالمودع فيضمن بما يضمن به المودع ويبرأ به والقول قوله في دفع الضمان عن نفسه فلو دفع له مالا وقال : اقضه فلانا عن ديني فقال : قضيته وكذبه صاحب الدين فالقول للوكيل في براءته وللدائن في عدم قبضه فلا يسقط دينه ويجب اليمين على أحدهما فيحلف من كذبه الموكل دون من صدقه وعلى هذا لو أمر المودع بدفعها إلى فلان فادعاه وكذبه فلان ولو كان المال مضمونا على رجل كالمغصوب في يد الغاصب أو الدين على الطالب فأمر الطالب أو المغصوب منه الرجل أن يدفعه إلى فلان فقال المأمور : قد دفعت إليه وقال فلان ما قبضت فالقول قول فلان أنه لم يقبض ولم يصدق الوكيل على الدفع إلا ببينة أو بتصديق الموكل ولا يصدقان على القابض والقول له مع اليمين وللوكيل تحليف الموكل أنه ما يعلم أنه دفع فإن نكل سقط الضمان عنه ولو لم يدفع إليه شيئا وإنما أمره بقضاء دينه من ماله فادعاه وكذبه الطالب والموكل ولا بينة فالقول قولهما مع اليمين ويحلف الموكل على نفي العلم وإن صدقه الموكل دون الطالب رجع عليه بما ادعاه ويرجع الطالب عليه أيضا بدينه ذكره القدوري .

                                                                                        وفي الجامع لا رجوع للوكيل على موكله ولو صدقه والأول أشبه كما في البدائع ولو ادعى المودع أنه أمره بدفعها إلى فلان وكذبه صاحبها فالقول له أنه لم يأمره وقد وقعت حادثة الفتوى حين تأليف هذا المحل دفع إلى آخر مالا ليدفعه إلى آخر ثم اختلفا في تعيينه فقال الآمر : أمرتك بدفعه إلى زيد فقال المأمور إلى عمرو وقد دفعت له فأجبت بأن القول قول الوكيل لأنهما اتفقا على أصل الإذن فكان أمينا ولهذا قال الزيلعي في آخر المضاربة : لو دفع إليه مالا ثم اختلفا فقال الدافع : مضاربة وقال المدفوع إليه : وديعة فالقول للمدفوع إليه لأنهما اتفقا على الإذن ا هـ .

                                                                                        ومن أحكامه أنه لا جبر عليه في فعل ما وكل به إلا في رد وديعة بأن قال : ادفع هذا الثوب إلى فلان فقبله وغاب الآمر يجبر المأمور على دفعه فأما سائر الأشياء فلا يجب عليه التنفيذ كذا في المحيط وتمامه في فوائدنا ومنها ما في البزازية وكله بقبض وديعته وجعل له الأجر صح وإن وكله بقبض دينه وجعل له أجرا لا يصح إلا إذا وقت مدة معلومة وكذا الوكيل بالتقاضي إن وقت جاز . ا هـ .

                                                                                        وكذا الوكيل بالخصومة كذا في الولوالجية ومن أحكامها أنها لا تبطل بالشروط الفاسدة ولا يصح شرط الخيار فيها كما في الخانية ومن أحكامها صحة تعليقها وإضافتها فتقبل التقييد بالزمان والمكان فلو قال : بعه غدا لم يجز بيعه اليوم وكذا العتاق والطلاق ولو قال : بعه اليوم فباعه غدا فيه روايتان والصحيح أنها لا تبقى بعد اليوم ولو وكله بتقاضي دينه بالشام ليس له أن يتقاضاه بالكوفة الكل من الخانية .

                                                                                        [ ص: 141 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 141 ] ( قوله وقد وقعت حادثة الفتوى إلخ ) قال الرملي : وسيذكر فرع واقعة الحال بعد كراسة ويرد عليه ويجيب عنه ا هـ .

                                                                                        أي قبيل فصل الوكيل بالبيع والشراء ( قوله ومن أحكامها صحة تعليقها وإضافتها إلخ ) قال في نور العين معزيا إلى العيون وكله بقبض الوديعة في اليوم فله قبضه غدا ولو وكله بقبضه غدا لا يملك قبضه اليوم إذ ذكر اليوم للتعجيل فكأنه قال : أنت وكيلي به الساعة فإذا ثبت وكالته به الساعة دامت ضرورة ولا يلزم من وكالة الغد وكالة اليوم لا صريحا ولا دلالة وكذا لو قال : اقبضه الساعة فله القبض بعدها ثم قال معزيا إلى قاضي خان وكله بشيء وقال : افعله اليوم ففعله غدا بعضهم قالوا : الصحيح أن الوكالة لا تبقى بعد اليوم وقال بعضهم : تبقى وذكر اليوم للتعجيل لا لتوقيت الوكالة باليوم إلا إذا دل الدليل عليه ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية في أول الفصل الأول من كتاب الوكالة الوكيل إلى عشرة أيام لا تنتهي وكالته بمضي العشرة في الأصح .




                                                                                        الخدمات العلمية