الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شبب

                                                          شبب : الشباب : الفتاء والحداثة . شب يشب شبابا وشبيبة . وفي حديث شريح : تجوز شهادة الصبيان على الكبار يستشبون أي يستشهد من شب منهم وكبر إذا بلغ ، كأنه يقول : إذا تحملوها في الصبا ، وأدوها في الكبر ، جاز . والاسم الشبيبة ، وهو خلاف الشيب . والشباب : جمع شاب ، وكذلك الشبان . الأصمعي : شب الغلام يشب شبابا وشبوبا وشبيبا ، وأشبه الله ، وأشب الله قرنه ، بمعنى ; والقرن زيادة في الكلام ; ورجل شاب ، والجمع شبان ; سيبويه : أجري مجرى الاسم ، نحو حاجر وحجران ; والشباب اسم للجمع ; قال :


                                                          ولقد غدوت بسابح مرح ومعي شباب كلهم أخيل



                                                          وامرأة شابة من نسوة شواب . زعم الخليل أنه سمع أعرابيا فصيحا يقول : إذا بلغ الرجل ستين ، فإياه وإيا الشواب . وحكى ابن الأعرابي : رجل شب ، وامرأة شبة ، يعني من الشباب . وقال أبو زيد : يجوز نسوة شبائب ، في معنى شواب ; وأنشد :


                                                          عجائزا يطلبن شيئا ذاهبا     يخضبن بالحناء شيبا شائبا
                                                          يقلن كنا مرة شبائبا



                                                          قال الأزهري : شبائب جمع شبة ، لا جمع شابة ، مثل ضرة وضرائر . وأشب الرجل بنين إذا شب ولده . ويقال : أشبت فلانة أولادا إذا شب لها أولاد . ومررت برجال شببة أي شبان . وفي حديث بدر : لما برز عتبة وشيبة والوليد برز إليهم شببة من الأنصار ; أي شبان ، واحدهم شاب ، وقد صحفه بعضهم ستة ، وليس بشيء . ومنه حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما : كنت أنا وابن الزبير في شببة معنا . وقدح شاب : شديد ، كما قالوا في ضده : قدح هرم . وفي المثل : أعييتني من شب إلى دب ، ومن شب إلى دب ; أي من لدن شببت إلى أن دببت على العصا يجعل ذلك بمنزلة الاسم ، بإدخال من عليه ، وإن كان في الأصل فعلا . يقال ذلك للرجل والمرأة ، كما قيل : نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، عن قيل ، وقال زال على خلق واحد من شب إلى دب ; قال :


                                                          قالت لها أخت لها نصحت     ردي فؤاد الهائم الصب
                                                          قالت ولم قالت أذاك وقد     علقتكم شبا إلى دب



                                                          ويقال : فعل ذلك في شبيبته ، ولقيت فلانا في شباب النهار أي في أوله ; وجئتك في شباب النهار ، وبشباب نهار ، عن اللحياني ، أي أوله . والشبب والشبوب والمشب : كله الشاب من الثيران والغنم ; قال الشاعر :


                                                          بموركتين من صلوي مشب     من الثيران عقدهما جميل



                                                          الجوهري : الشبب المسن من ثيران الوحش ، الذي انتهى أسنانه ; وقال : الشبب الثور الذي انتهى شبابا ; وقيل : هو الذي انتهى تمامه وذكاؤه ، منها ; وكذلك الشبوب ، والأنثى شبوب ، بغير هاء ; تقول منه : أشب الثور ، فهو مشب ، وربما قالوا : إنه لمشب بكسر الميم . التهذيب : ويقال للثور إذا كان مسنا : شبب وشبوب ومشب وناقة مشبة ، وقد أشبت ; وقال أسامة الهذلي :


                                                          أقاموا صدور مشباتها     بواذخ يقتسرون الصعابا



                                                          أي أقاموا هذه الإبل على القصد . أبو عمرو : القرهب المسن من الثيران ، والشبوب : الشاب . قال أبو حاتم و ابن شميل : إذا أحال وفصل فهو دبب ، والأنثى دببة ، والجمع دباب ، ثم شبب والأنثى شببة . وتشبيب الشعر : ترقيق أوله بذكر النساء . وهو من تشبيب النار وتأريثها . وشبب بالمرأة : قال فيها الغزل والنسيب ، وهو يشبب بها أي ينسب بها . والتشبيب : النسيب بالنساء . وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما : أنه كان يشبب بليلى بنت الجودي في شعره . تشبيب الشعر : ترقيقه بذكر النساء . وشب النار والحرب : أوقدها ، يشبها شبا وشبوبا وأشبها ، وشبت هي تشب شبا وشبوبا . وشبة النار : اشتعالها . والشباب والشبوب : ما شب به . الجوهري : الشبوب بالفتح : ما يوقد به النار . قال أبو حنيفة : حكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال : شبت النار وشبت هي نفسها قال ولا يقال : شابة ولكن مشبوبة . وتقول : هذا شبوب لكذا أي يزيد فيه ويقويه . وفي حديث أم معبد : فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاوبه أي ابتدأ في جوابه من تشبيب الكتب وهو الابتداء بها والأخذ فيها ، وليس من تشبيب بالنساء في الشعر ، ويروى نشب بالنون أي أخذ في الشعر وعلق فيه . ورجل مشبوب : جميل حسن الوجه كأنه أوقد ; وقال ذو الرمة :


                                                          إذا الأروع المشبوب أضحى كأنه     على الرحل مما منه السير أحمق



                                                          وقال العجاج : من قريش كل مشبوب أغر . ورجل مشبوب إذا كان ذكي الفؤاد شهما ، وأورد بيت ذي الرمة تقول شعرها يشب لونها أي يظهره ويحسنه ويظهر حسنه وبصيصه . والمشبوبتان : الشعريان . لاتقادهما ، أنشد ثعلب :


                                                          وعنس كألواح الإران نسأتها     إذا قيل للمشبوبتين هما هما



                                                          وشب لون المرأة خمار أسود لبسته أي زاد في بياضها ، ولونها ، [ ص: 11 ] فحسنها لأن الضد يزيد في ضده ، ويبدي ما خفي منه ، ولذلك قالوا :


                                                          وبضدها تتبين الأشياء



                                                          قال رجل جاهلي من طيئ :

                                                          معلنكس شب لها لونها     كما يشب البدر لون الظلام



                                                          يقول : كما يظهر لون البدر في الليلة المظلمة . وهذا شبوب لهذا أي يزيد فيه ويحسنه . وفي الحديث عن مطرف : أن النبي صلى الله عليه وسلم ائتزر ببردة سوداء ، فجعل سوادها يشب بياضه ، وجعل بياضه يشب سوادها ، قال شمر : يشب أي يزهاه ويحسنه ويوقده . وفي رواية : أنه لبس مدرعة سوداء ، فقالت عائشة : ما أحسنها عليك ! يشب سوادها بياضك وبياضك سوادها ، أي تحسنه ويحسنها . ورجل مشبوب إذا كان أبيض الوجه أسود الشعر ، وأصله من شب النار إذا أوقدها ، فتلألأت ضياء ونورا . وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها حين توفي أبو سلمة قالت : جعلت على وجهي صبرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه يشب الوجه فلا تفعليه أي يلونه ويحسنه . وفي حديث عمر رضي الله عنه في الجواهر التي جاءته من فتح نهاوند : يشب بعضها بعضا . وفي كتابه لوائل بن حجر : إلى الأقيال العباهلة والأرواع المشابيب أي السادة الرءوس الزهر الألوان الحسان المناظر واحدهم مشبوب ، كأنما أوقدت ألوانهم بالنار ، ويروى : الأشباء جمع شبيب فعيل بمعنى مفعول . والشباب بالكسر : نشاط الفرس ورفع يديه جميعا . وشب الفرس يشب ويشب شبابا وشبيبا وشبوبا : رفع يديه جميعا كأنه ينزو نزوانا ولعب وقمص . وأشبيته إذا هيجته ، وكذلك إذا حرن تقول : برئت إليك من شبابه وشبيبه وعضاضه وعضيضه ! وقال ثعلب : الشبيب الذي تجوز رجلاه يديه ، وهو عيب ، والصحيح الشئيت وهو مذكور في موضعه ، وفي حديث سراقة : استشبوا على أسوقكم في البول ، يقول : استوفزوا عليها ولا تستقروا على الأرض بجميع أقدامكم وتدنو منها، هو من شب الفرس إذا رفع يديه جميعا من الأرض . وأشب لي الرجل إشبابا إذا رفعت طرفك فرأيته من غير أن ترجوه أو تحتسبه ، قال الهذلي :


                                                          حتى أشب لها رام بمحدلة     نبع وبيض نواحيهن كالسجم



                                                          السجم : ضرب من الورق شبه النعال بها والسجم : الماء أيضا . وأشب لي كذا أي أتيح لي ، وشب أيضا على ما لم يسم فاعله فيهما . والشب : ارتفاع كل شيء . أبو عمرو : شبشب الرجل إذا تمم ، وشب إذا رفع ، وشب إذا ألهب . ابن الأعرابي : من أسماء العقرب الشوشب . ويقال للقملة : الشوشبة . وشبذا زيد أي حبذا حكاه ثعلب . والشب : حجارة يتخذ منها الزاج وما أشبهه وأجوده ما جلب من اليمن ، وهو شب أبيض له بصيص شديد ، قال :


                                                          ألا ليت عمي يوم فرق بيننا     سقى السم ممزوجا بشب يماني



                                                          ويروى : بشب يماني

                                                          وقيل : الشب دواء معروف ، وقيل : الشب شيء يشبه الزاج . وفي حديث أسماء رضي الله عنها : أنها دعت بمركن وشب يمان ، الشب : حجر معروف يشبه الزاج يدبغ به الجلود . وعسل شبابي : ينسب إلى بني شبابة قوم بالطائف من بني مالك بن كنانة ينزلون اليمن . وشبة وشبيب : اسما رجلين . وبنو شبابة : قوم من فهم بن مالك سماهم أبو حنيفة في كتاب النبات ; وفي الصحاح : بنو شبابة قوم بالطائف ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية