الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار

                                                                                                                                                                                                                                      يوم هم بارزون بدل من يوم التلاق، أي : خارجون من قبورهم، أو ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء، لكون الأرض يومئذ قاعا صفصفا، ولا عليهم ثياب إنما هم عراة مكشوفون، كما جاء في الحديث : "يحشرون عراة حفاه غرلا" . وقيل : ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشي الأبدان، أو أعمالهم وسرائرهم . لا يخفى على الله منهم شيء استئناف لبيان بروزهم، وتقرير له وإزاحة لما كان يتوهمه المتوهمون في الدنيا من الاستنار توهما باطلا، أو خبر ثان . وقيل : حال من ضمير بارزون، أي : لا يخفى عليه شيء ما من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة . لمن الملك اليوم لله الواحد القهار حكاية لما يقع حينئذ من السؤال والجواب بتقدير قول معطوف على ما قبله من الجملة المنفية المستأنفة، أو مستأنف يقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية بروزهم، وظهور أحوالهم، كأنه قيل : فماذا يكون حينئذ ؟ فقيل : يقال . . . إلخ . أي : ينادي مناد : لمن الملك اليوم ؟ فيجيبه أهل المحشر : لله الواحد القهار . وقيل : المجيب هو السائل بعينه لما روي أنه يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد في أرض بيضاء، كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط، فأول ما يتكلم به أن ينادي مناد لمن الملك اليوم لله الواحد القهار . وقيل : حكاية لما ينطق به لسان الحال من تقطع أسباب للتصرفات المجازية، واختصاص جميع الأفاعيل بقبضة القدرة الإلهية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية