الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      باب إضافة الزمان إلى الفعل

                                                                                                                                                                                                                      45- قال: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) فنون اليوم لأنه جعل "فيه" مضمرا، وجعله من صفة اليوم؛ كأنه

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 93 ] قال "يوما لا تجزي نفس عن نفس فيه شيئا". وإنما جاز إضمار "فيه" كما جاز إضافته إلى الفعل تقول: "هذا يوم يفعل زيد". وليس من الأسماء شيء يضاف إلى الفعل غير أسماء الزمان، ولذلك جاز إضمار "فيه". وقال قوم: "إنما أضمر الهاء، أراد "لا تجزيه" وجعل هذه الهاء اسما لليوم مفعولا، كما تقول: "رأيت رجلا يحب زيد" تريد: "يحبه زيد". وهو في الكلام يكون مضافا، تقول: "اذكر يوم لا ينفعك شيء" أي: "يوم لا منفعة" وذلك أن أسماء الحين قد تضاف إلى الفعل قال: (هذا يوم لا ينطقون) أي "يوم لا نطق"، وقد يجوز فيه "هذا يوم لا ينطقون" إذا أضمرت "فيه" وجعلته من صفة "يوم" لأن يوما نكرة وقد جعلت الفعل لشيء من سببه وقدمت الفعل. فالفعل يكون كله من صفة النكرة كأنك أجريته على اليوم صفة له إذا كان ساقطا على سببه، وقد قال بعضهم : (هذا يوم لا ينطقون) وكذلك : (هذا يوم الفصل) وكل ما أشبه هذا فهو مثله. ولا يضاف إلى الفعل شيء إلا الحين، إلا أنهم قد قالوا: [ الأعشى ]


                                                                                                                                                                                                                      (70) بآية تقدمون الخيل زورا كأن على سنابكها مداما

                                                                                                                                                                                                                      [وقال يزيد بن عمرو بن الصعق ]:

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 94 ]

                                                                                                                                                                                                                      (71) ألا من مبلغ عني تميما     بآية ما تحبون الطعاما

                                                                                                                                                                                                                      فأضاف "آية" إلى الفعل.

                                                                                                                                                                                                                      وقالوا: "اذهب بذي تسلم" و"بذي تسلمان" فقوله: "ذي" مضاف إلى "تسلم" كأنه قال: "اذهب بذي سلامتك" وليس يضاف إلى الفعل غير هذا. ولو قلت في الكلام: "واتقوا يوم لا تجزي نفس فيه" فلم تنون اليوم جاز، كأنك أضفت وأنت لا تريد أن تجيء بـ "فيه" ثم بدا لك بعد فجئت به، كما تقول: "اليوم آتيك فيه" فنصبت "اليوم" لأنك جئت بـ "فيه" بعد ما أوجبت النصب.

                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم: "لا يجوز إضمار "فيه". ألا ترى أنك لا تقول: "هذا رجل قصدت" وأنت تريد "إليه" ولا "رأيت رجلا أرغب" وأنت تريد "فيه" والفرق بينهما أن أسماء الزمان يكون فيها ما لا يكون في غيرها، وإن شئت حملته على المفعول في السعة؛ كأنك قلت: "واتقوا يوما لا تجزيه نفس" ثم ألقيت الهاء كما تقول: "رأيت رجلا أحب" وأنت تريد "أحبه".

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية