الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى

ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة. قال موسى بن عقبة: وإنما حمل قريشا على بنائها أن السيل كان أتى من فوق الردم الذي صنعوه، فأخربه، فخافوا أن يدخلها الماء، وكان رجل يقال له مليح سرق طيب الكعبة، فأرادوا أن يشيدوا بنيانها، وأن يرفعوا بابها حتى لا يدخل إلا من شاؤوا، وأعدوا لذلك نفقة وعمالا، ثم عمدوا إليها ليهدموها على شفق وحذر من أن يمنعهم الله الذي أرادوا.

قال ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنيانها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم، فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا.

ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا، فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان عامئذ أسن قريش كلها، قال: يا معشر قريش; اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم. ففعلوا، فكان أول داخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر. قال صلى الله عليه وسلم: هلم إلي ثوبا. فأتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده. ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ثم بنى عليه. [ ص: 122 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية