الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (151) قوله تعالى : سنلقي : الجمهور بنون العظمة وهو التفات من الغيبة في قوله : وهو خير الناصرين ، وذلك للتنبيه على عظم ما يلقيه تعالى . وقرأ أيوب السختياني : "سيلقي " بالغيبة جريا على الأصل . وقدم المجرور على المفعول به اهتماما بذكر المحل قبل ذكر الحال . والإلقاء هنا مجاز لأن أصله في الأجرام ، فاستعير هنا كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      1463 - هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن عامر والكسائي : "الرعب " و "رعبا " بالضم ، والباقون بالإسكان . فقيل : لغتان ، وقيل : الأصل الضم وخفف ، وهذا قياس [ ص: 435 ] مطرد ، وقيل : الأصل السكون ، وضم إتباعا كالصبح والصبح ، وهذا عكس المعهود من لغة العرب .

                                                                                                                                                                                                                                      [والرعب : الخوف . يقال : رعبته فهو مرعوب ، وأصله من الامتلاء ، يقال : رعبت الحوض أي : ملأته ، وسيل راعب ، أي : ملأ الوادي . والسلطان : الحجة والبرهان ، واشتقاقه : إما من سليط السراج الذي يوقد به ...... ، لإنارته ووضوحه ، وإما من السلاطة وهي الحدة والقهر ] .

                                                                                                                                                                                                                                      و في قلوب متعلق بالإلقاء . وكذلك بما أشركوا ، ولا يضر تعلق الحرفين لاختلاف معناهما ، فإن "في " للظرفية والباء للسببية . و "ما " مصدرية . و "ما " الثانية مفعول به لـ "أشركوا " ، وهي موصولة بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة . والراجع الهاء في "به " ، ولا يجوز أن تكون مصدرية عند الجمهور لعود الضمير عليها . وتسلط النفي على الإنزال لفظا والمقصود نفي السلطان ، أي : الحجة ، كأنه قيل : لا سلطان على الإشراك فينزل كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      1464 - ... ... ... ...     ولا ترى الضب بها ينجحر



                                                                                                                                                                                                                                      أي : لا ينجحر الضب بها فيرى ، وقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      1465 - على لاحب لا يهتدى بمناره      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أي : لا منار له فيهتدى به ، فالمعنى على نفي السلطان والإنزال معا . و "سلطانا " مفعول لـ "ينزل " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 436 ] وقوله : وبئس مثوى الظالمين المخصوص بالذم محذوف أي : مثواهم ، أو النار . والمثوى : مفعل من ثويت أي : أقمت ، فلامه ياء ، وقدم المأوى - وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان - على المثوى وهو مكان الإقامة ، لأنه على الترتيب الوجودي يأوي ثم يثوي ، ولا يلزم من المأوى الإقامة ، بخلاف عكسه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية