الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا غصب الرجل الأرض وزرعها فالزرع له ; لأنه حصل بعمله من بذره ، وهذا بخلاف ما إذا غصب جارية فأحبلها ، فإن الولد هناك يكون لصاحبها ; لأن حصول الولد بحضانتها في رحمها لا بفعل الواطئ ، فإن ماء الفحل [ ص: 150 ] يصير مستهلكها بالاختلاط بمائها ، ولأن الولد في حكم جزء من عينها ، وهي بجميع أجزائها مملوكة للمغصوب منه ، فأما الزرع ليس بجزء من الأرض ، ألا ترى أنه من جنس البذر ، وأنه حاصل بعمل الزارع كما قررناه في الغصب ، ثم الزارع ضامن لما نقص الأرض عندنا ، وعلى قول ابن أبي ليلى رحمه الله لا ضمان عليه ; لأن العقار لا يكون مضمونا بالغصب ، والنقصان لم يحصل بفعله ، ولأن النقصان في الأرض من حيث تقليل المنفعة والريع ، والمنفعة لا تكون مضمونة على الغاصب ، ولكنا نقول : قد انتقص مالية العين بفعله ، وهو الزراعة فكان متلفا بقدر النقصان ، والعقار يضمن بالإتلاف كما لو هدم الأبنية أو قلع الأشجار ، ثم يرفع من الزرع مقدار بذره ، وما أنفق فيه وما غرم من نقصان الأرض ، ويتصدق بالفضل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ; لأنه حصل له بكسب خبيث ، وفي قول أبي يوسف وابن أبي ليلى رحمهما الله لا يتصدق بشيء ; لأنه حصل له بزراعته ، وهو سبب مشروع للاكتساب ، وقد بينا هذا في الغصب .

التالي السابق


الخدمات العلمية