الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان كل من الناس يدعي أنه لا يعدل عن الدليل، وكان كل أحد مأمورا بالنظر في الدليل مأمورا بالإنابة لما دل عليه من التوجه إلى الله وحده، كان ذلك سببا في معرفة الكل التوحيد الموجب لاعتقاده القدرة التامة الموجب لاعتقاد البعث، فكان سببا لإخلاصهم، فقال تعالى مسببا عنه: فادعوا وصرح بالاسم الأعظم تدريبا للمخلصين على كيفية الإخلاص فقال: الله أي المتوحد بصفات الكمال دعاء خضوع وتعبد بعد الإنابة بعد النظر في الدليل مخلصين له الدين أي الأفعال التي يقع الجزاء عليها، فمن كان يصدق بالجزاء وبأن ربه غني لا يقبل إلا خالصا اجتهد في تصفية أعماله، فيأتي بها في غاية الخلوص عن كل ما يمكن أن يكدر من غير شائبة شرك جلي أو خفي كما أن معبوده واحد من غير شائبة نقص.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت مخالفة الجنس شديدة لما تدعو إليه من المخاصمة الموجبة للمشاققة الموجبة لاستطابة الموت قال تعالى: ولو كره أي الدعاء منكم الكافرون أي الساترون لأنوار عقولهم، والإخلاص أن [ ص: 23 ] يفعل العباد لربهم مثل ما فعل لهم فلا يفعلوا فعلا من أمر أو نهي إلا لوجهه خاصة من غير غرض لأنفسهم بجلب شيء من نفع أو ضر، وذلك لأنه سبحانه فعل لهم كل إحسان من الخلق والرزق ولأنفسهم خاصة لا لغرض يعود عليه - سبحانه وما أعز شأنه - بنفع ولا ضر، فلا يكون شكرهم له إلا بما تقدم، لكنه لما علم سبحانه بأن أباح لهم العمل لأجل الرجاء في ثوابه والخوف من عقابه، ولم يجعل ذلك قادحا في الإخلاص، قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: ولولا إذنه في ذلك لما كان في العالم مخلص.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية