الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد

                                                                                                                                                                                                                                      وقال فرعون ذروني أقتل موسى كان ملؤه إذا هم بقتله عليه الصلاة والسلام كفوه بقولهم : ليس هذا بالذي تخافه فإنه أقل من ذلك وأضعف، وما هو إلا بعض السحرة . وبقولهم : إذا قتلته أدخلت على الناس شبهة، واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت إلى المقارعة بالسيف . والظاهر من دهاء اللعين ونكارته أنه كان قد استيقن أنه نبي، وأن ما جاء به آيات باهرة وما هو بسحر، ولكن كان يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالهلاك، وكان قوله هذا تمويها على قومه، وإيهاما أنهم هم الكافون له عن قتله [ ص: 274 ] ولولاهم لقتله، وما كان الذي يكفه إلا ما في نفسه من الفزع الهائل . وقوله : وليدع ربه تجلد منه، وإظهار لعدم المبالاة بدعائه، ولكنه أخوف ما يخافه . إني أخاف إن لم أقتله أن يبدل دينكم أن يغير ما أنتم عليه من الدين الذي هو عبارة عن عبادته وعبادة الأصنام لتقربهم إليه . أو أن يظهر في الأرض الفساد ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج، إن لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية، وقرئ بالواو الجامعة، وقرئ بفتح الياء والهاء ورفع الفساد، وقرئ : ( بظهر ) بتشديد الظاء والهاء من تظاهر، أي : تتابع وتعاون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية