الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 390 ] 411 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبي أن له حجا

2555 - حدثنا يونس قال : حدثنا سفيان قال : أخبرني إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن صبي هل لهذا من حج ؟ قال : نعم ولك أجر .

2556 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في [ ص: 391 ] محفتها ، فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بعضد صبي معها ، فقالت : ألهذا حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ولك أجر .

2557 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قال : حدثنا القعنبي قال : حدثنا مالك عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس ولم يذكر فيه ، عن ابن عباس ثم ذكر مثله .

[ ص: 392 ] قال أبو جعفر : وهذا الحديث من رواية مالك لا يرفعه أحد من رواته عنه إلا ابن وهب وابن عثمة فإنهما يرفعانه عنه إلى ابن عباس .

2558 - وحدثنا أبو أمية قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان يعني الثوري ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : رفعت امرأة صبيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ألهذا حج ؟ قال : " نعم ولك أجر .

[ ص: 393 ]

2559 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

2560 - وحدثني محمد بن أحمد بن خزيمة قال : حدثنا عباس الدوري قال : قال يحيى بن معين : إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت صبيا لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ فيه ابن عيينة إنما هو مرسل ، قال يحيى : ورواه الثوري عنه مرسلا .

[ ص: 394 ] قال أبو جعفر : ما عمل يحيى في هذا شيئا ، وما رواه الثوري إلا مرفوعا كما قد ذكرناه ، عن أبي أمية ، عن أبي نعيم عنه ، وقد روى هذا الحديث أيضا محمد بن عقبة ، عن كريب فرفعه .

2561 - كما قد حدثنا أبو أمية قال : حدثنا قبيصة قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله ، وقد رواه أيضا يحيى القطان ، وبشر بن السري ، عن الثوري ، كما رواه عنه قبيصة .

2562 - كما قد حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى بن سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث .

[ ص: 395 ]

2563 - وكما حدثنا أحمد قال : أنبأنا محمود بن غيلان قال : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وقد روى هذا الحديث حماد بن سلمة ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ولم يذكر فيه ابن عباس .

2564 - كما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أنبأنا إبراهيم بن عقبة ، عن كريب بن أبي مسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله بغير ذكر منه ابن عباس فيه .

ثم نظرنا في هذا الحج الذي يكون من الصبي إذا كان من الصبي فيه ما لو كان من كبير عليه فيه كفارة وما سواها كيف يكون ذلك الصبي إذا كان ذلك منه في وجوبه عليه أو على غيره ممن أدخله فيه أو لا واجب فيه .

فوجدنا أهل العلم في ذلك مختلفين : فطائفة منهم تقول : لا شيء عليه فيه ولا على غيره ، منهم : أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه .

وطائفة منهم تقول : الواجب في ذلك على من أدخله فيه ، ومنهم عبد الرحمن بن القاسم على معاني قول مالك ، [ ص: 396 ] ومنهم طائفة تقول : هو على الصبي دون من سواه وكذلك حكاه لنا المزني ، عن الشافعي .

واحتجنا نحن إلى طلب الأولى من هذه الأقاويل الثلاثة فوجدنا من قال : إن الواجب في ذلك على من أدخل الصبي في ذلك الإحرام لا معنى لقوله فيه ؛ لأن ذلك الإحرام لم يكن للذي أدخل الصبي فيه ، فيكون عليه ما يجب فيه ، ويكون عليه تخليص الصبي مما وجب عليه فيه بإدخاله إياه فيه .

ووجدنا قول من جعل على الصبي أيضا لا معنى له في إجماعهم أن كفارات الأيمان وسائر العبادات لا تجب عليه ، فكان مثل ذلك العبادة في مثل هذا لا تجب عليه ، ووجدنا الله عز وجل جعل الكفارات للأشياء التي يصيبها الناس في حجهم جعلها نكالا لهم لقوله جل وعز للجزاء الذي أوجبه على قاتل الصيد في إحرامه : ليذوق وبال أمره ، والصبي فليس ممن يدخل في ذلك لأن العقوبات مرتفعات عنه ، ولما ارتفع هذان القولان ولم يبق إلا القول الآخر الذي قيل في هذا الباب كان هو الأولى مما قيل فيه .

فإن قال قائل : فما معنى دخوله في ذلك الإحرام وهو ممن لا يلزمه أحكامه المفترضة فيه قيل له : كدخوله في الصلاة التي تجب على الداخلين فيها من البالغين ، ولا تجب على الداخلين فيها من غير البالغين .

[ ص: 397 ]

2565 - كما قد حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثني حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة قال : حدثني عبد الملك بن الربيع بن سبرة عمي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر .

2566 - وكما قد حدثنا يحيى بن محمد بن معبد السبري أبو محمد قال : حدثني إبراهيم بن سبرة بن عبد العزيز قال : حدثني عمي عبد الملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : علموا الصبي الصلاة . ثم ذكر مثله .

[ ص: 398 ] فكان في هذا الحديث رفع ضرب الصبي عليها دون عشر سنين ، والبالغون يضربون عليها في مثل ذلك بل يتجاوز بعض الناس بهم في ذلك إلى ما هو أغلظ عن الضرب .

فقال قائل : ففي هذا الحديث أنه يضرب عليها وهو ابن عشر وهو حينئذ غير بالغ قيل له : ذلك عندنا والله أعلم ليعتادها حتى تكون خلقا له بعد بلوغه ، لا لما سوى ذلك والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية