الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4789 ) مسألة ; قال : ( ومن أعتق في مرضه ، أو بعد موته ، عبدين ، لا يملك غيرهما ، وقيمة أحدهما مائتان ، والآخر ثلاثمائة ، فلم يجز الورثة ، أقرع بينهما ، فإن وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان ، عتق منه خمسة أسداسه ، وهو ثلث الجميع . وإن وقعت على الآخر ، عتق منه خمسة أتساعه ; لأن جميع ملك الميت خمسمائة درهم ، وهو قيمة العبدين ، فضرب في ثلاثة ، فأخذ ثلثه خمسمائة فأما إن وقعت القرعة على الذي [ ص: 150 ] قيمته مائتان ، ضربناه في ثلاثة ، فصيرناه ستمائة ، فصار العتق منه خمسة أسداسه . وكذلك يفعل في الآخر إذا وقعت عليه القرعة . وكل شيء يأتي من هذا الباب فسبيله أن يضرب في ثلاثة ، ليخرج بلا كسر ) هذه المسألة دالة على أحكام أربعة ; منها أن حكم العتق في مرض الموت حكم الوصية ، لا يجوز منه إلا ثلث المال ، إلا أن يجيزه الورثة . وهذا قول جمهور الفقهاء . ، وحكي عن مسروق ، في من أعتق عبده في مرض موته ، ولا مال له غيره : أجيزه برمته ، شيء جعله لله لا أرده . وهذا قول شاذ يخالف الأثر والنظر ، فإنه قد صح { عن عمران بن حصين ، أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد عند موته ، لم يكن له مال غيرهم ، فدعا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة . وقال له قولا شديدا . } رواه مسلم ، وأبو داود . ولأنه تبرع في مرض موته فأشبه سائر العطايا والصدقات . الثاني ، أن العتق إذا كان في أكثر من واحد ، ولم يحملهم الثلث ، كملنا الثلث في واحد بالقرعة ، وإن كانوا جماعة كملنا العتق في بعضهم بالقرعة ، بدليل حديث عمران بن حصين المذكور . الثالث ، أنه إذا لم يخرج من الثلث إلا جزء من عبد ، عتق ذلك الجزء خاصة ، ورق باقيه ، على ما سنذكره في العتق ، إن شاء الله تعالى . الرابع ، إثبات القرعة ومشروعيتها ; بدليل حديث عمران ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم في الأعبد الذين أقرع بينهم . فأما كيفية تكميل العتق ، فإن العبيد إن تساوت قيمتهم ، وكان لهم ثلث صحيح ، كستة أعبد ، قيمة كل اثنين منهم ثلث المال ، جعلنا كل اثنين منهم ثلثا ، وأقرعنا بينهم بسهم حرية ، وسهمي رق كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فاللذان يقع لهما سهم الحرية يعتقان ، ويرق الآخرون . وإن كان فيهم كسر ، كمسألة الخرقي ، أقرعت بين العبدين ، فأيهما وقعت عليه قرعة الحرية ، ضربت قيمته في ثلاثة أسهم ، فمهما بلغ نسبت إليه قيمة العبدين جميعا ، فمهما خرج بالنسبة ، فهو القدر الذي يعتق منه . فقي هذه المسألة ، إذا وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان ، ضربتهما في ثلاثة ، صارت ستمائة ، ونسبت منها قيمة العبدين معا ، وهي خمسمائة ، تجدها خمسة أسداسها ، فيعتق منه خمسة أسداسه . وإن وقعت على الآخر ، عتق خمسة أتساعه . وتمام شرح ذلك يأتي في باب العتق ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية