الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شتا

                                                          شتا : ابن السكيت : السنة عند العرب اسم لاثني عشر شهرا ، ثم قسموا السنة فجعلوها نصفين : ستة أشهر وستة أشهر ، فبدءوا بأول السنة أول الشتاء ; لأنه ذكر والصيف أنثى ، ثم جعلوا الشتاء نصفين : فالشتوي أوله والربيع آخره ، فصار الشتوي ثلاثة أشهر ، والربيع ثلاثة أشهر ، وجعلوا الصيف ثلاثة أشهر ، والقيظ ثلاثة أشهر ، فذلك اثنا عشر شهرا . غيره : الشتاء معروف أحد أرباع السنة ، وهي الشتوة ، وقيل : الشتاء جمع شتوة . قال الجوهري : وجمع الشتاء أشتية . قال ابن بري : الشتاء اسم مفرد لا جمع بمنزلة الصيف ; لأنه أحد الفصول الأربعة ، ويدلك على ذلك قول أهل اللغة : أشتينا دخلنا في الشتاء ، وأصفنا دخلنا في الصيف ، وأما الشتوة فإنما هي مصدر شتا بالمكان شتوا وشتوة للمرة الواحدة ، كما تقول : صاف بالمكان صيفا وصيفة واحدة ، والنسبة إلى الشتاء شتوي ، على غير قياس . وفي الصحاح : النسبة إليها شتوي وشتوي ، مثل خرفي وخرفي ; قال ابن سيده : وقد يجوز أن يكونوا نسبوا إلى الشتوة ورفضوا النسب إلى الشتاء ، وهو المشتى والمشتاة ، وقد شتا الشتاء يشتو ، ويوم شات مثل يوم صائف ، وغداة شاتية كذلك . وأشتوا : دخلوا في الشتاء ، فإن أقاموه في موضع قيل : شتوا ; قال طرفة :


                                                          حيثما قاظوا بنجد وشتوا عند ذات الطلح من ثنيي وقر



                                                          وتشتى المكان : أقام به في الشتوة : تقول العرب : من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعى . ويقال : شتونا الصمان أي أقمنا بها في الشتاء وتشتينا الصمان أي رعيناها في الشتاء . وهذه مشاتينا ومصايفنا ومرابعنا أي منازلنا في الشتاء والصيف والربيع . وشتوت بموضع كذا وتشتيت : أقمت به الشتاء . وهذا الذي يشتيني أي يكفيني لشتائي . وقال يصف بتا له :


                                                          من يك ذا بت فهذا بتي     مقيظ مصيف مشتي
                                                          تخذته من نعجات ست



                                                          وحكى أبو زيد : تشتينا من الشتاء كتصيفنا من الصيف والمشتي بتخفيف التاء من الإبل : المربع ، والفصيل شتوي وشتوي وشتي ; عن ابن الأعرابي . وفي الصحاح : الشتي على فعيل ، والشتوي مطر الشتاء ، والشتي مطر الشتاء ; وفي التهذيب : المطر الذي يقع في الشتاء ، قال النمر بن تولب يصف روضة :


                                                          عزبت وباكرها الشتي بديمة     وطفاء تملؤها إلى أصبارها



                                                          قال ابن بري : والشتوي منسوب إلى الشتوة قال ذو الرمة :

                                                          [ ص: 22 ]

                                                          كأن الندى الشتوي يرفض ماؤه     على أشنب الأنياب متسق الثغر



                                                          وعامله مشاتاة : من الشتاء . غيره : وعامله مشاتاة وشتاء ، وشتاء ههنا منصوب على المصدر لا على الظرف . وشتا القوم يشتون : أجدبوا في الشتاء خاصة ، قال :


                                                          تمنى ابن كوز والسفاهة كاسمها     لينكح فينا إن شتونا لياليا



                                                          قال أبو منصور : والعرب تسمي القحط شتاء لأن المجاعات أكثر ما تصيبهم في الشتاء البارد ; وقال الحطيئة وجعل الشتاء قحطا :


                                                          إذا نزل الشتاء بدار قوم     تجنب جار بيتهم الشتاء



                                                          أراد بالشتاء المجاعة . وفي حديث أم معبد حين قصت أمر النبي صلى الله عليه وسلم مارا بها قالت : والناس مرملون مشتون ; المشتي : الذي أصابته المجاعة ، والأصل في المشتي الداخل في الشتاء كالمربع والمصيف الداخل في الربيع والصيف . والعرب تجعل الشتاء مجاعة لأن الناس يلتزمون فيه البيوت ولا يخرجون للانتجاع ، وأرادت أم معبد أن الناس كانوا في أزمة ومجاعة وقلة لبن . قال ابن الأثير : والرواية المشهورة مسنتين ، بالسين المهملة والنون قبل التاء ، وهو مذكور في موضعه . ويقال : أشتى القوم فهم مشتون إذا أصابتهم مجاعة . ابن الأعرابي : الشتا الموضع الخشن . والشثا ، بالثاء : صدر الوادي . ابن بري : قال أبو عمرو والشتيان جماعة الجراد والخيل والركبان ; وأنشد لعنترة الطائي :


                                                          وخيل كشتيان الجراد وزعتها     بطعن على اللبات ذي نفحان



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية