الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      باب بول ما يؤكل لحمه

                                                                                                      305 أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد قال حدثنا قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أناسا أو رجالا من عكل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلموا بالإسلام فقالوا يا رسول الله إنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف واستوخموا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وراع وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها فلما صحوا وكانوا بناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم فأتي بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وأرجلهم ثم تركوا في الحرة على حالهم حتى ماتوا

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      305 ( أن أناسا من عكل ) في الحديث الذي بعده من عرينة ، فزعم الداودي وابن التين أن عرينة هم عكل ، قال الحافظ ابن حجر وهو غلط بل هما قبيلتان متغايرتان ، عكل من عدنان ، وعرينة من قحطان ، وعكل بضم المهملة وإسكان الكاف قبيلة من تيم الرباب ، وعرينة بالعين والراء المهملتين والنون مصغرا حي من قضاعة وحي [ ص: 159 ] من بجيلة ، والمراد هنا الثاني كذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي ، والبخاري في الطهارة من عكل أو عرينة على الشك ، وفي المغازي من عكل وعرينة بواو العطف ، وهو الصواب ، ويؤيده ما رواه أبو عوانة والطبري من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل ، ولا يخالف هذا ما عند البخاري في الجهاد وفي الديات عن أنس أن رهطا من عكل ثمانية لاحتمال أن يكون الثامن من غير القبيلتين ، أو كان من أتباعهم فلم ينسب ، ذكر ابن إسحاق في المغازي أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد ، وكانت في جمادى الآخرة سنة ست ( فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذود ) قال الحافظ ابن حجر يحتمل أن تكون اللام زائدة أو للتعليل أو لشبه الملك أو الاختصاص وليست للتمليك انتهى والذود بمعجمة أوله ومهملة آخره من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع ، وقيل ما بين الثلاث إلى العشر واللفظة مؤنثة ، ولا واحد لها من لفظها كالنعم ، وقال أبو عبيد الذود من الإناث دون الذكور ( وراع ) اسمه يسار بتحتية ثم مهملة خفيفة ، وذكر ابن إسحاق في المغازي قال وكان غلاما للنبي - صلى الله عليه وسلم - أصابه في غزوة بني ثعلبة ، فرآه يحسن الصلاة ، فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحرة فكان بها ، ورواه الطبراني موصولا [ ص: 160 ] من حديث سلمة بن الأكوع ( واستاقوا الذود ) من السوق ، وهو السير العنيف ( فبعث الطلب في آثارهم ) لمسلم أن المبعوثين شباب من الأنصار قريب من عشرين رجلا وبعث معهم قائفا يقتص آثارهم ، وللطبراني من حديث سلمة بن الأكوع بعث خيلا من المسلمين أميرهم كرز بن جابر الفهري ، وفي مغازي الواقدي أن السرية كانت عشرين رجلا ، ولم يقل من الأنصار ، بل سمى منهم جماعة من المهاجرين منهم بريدة بن الحصيب ، وسلمة بن الأكوع الأسلميان ، وجندب ورافع بن مليب الجهنيان ، وأبو ذر وأبو رهم الغفاريان ، وبلال بن الحارث وعبد الله بن عمرو بن عوف المزنيان وغيرهم ، وفي مغازي موسى بن عقبة أن أمير هذه السرية سعيد بن زيد ، وذكر غيره أنه سعد بن زيد الأشهلي ، وهو أنصاري ، قال الحافظ ابن حجر فيحتمل أنه كان رأس الأنصار ، وكان كرز أمير الجماعة ( فسمروا أعينهم ) بتخفيف الميم ، أي فكحلوها بمسامير محماة ، كما صرح به في رواية البخاري




                                                                                                      الخدمات العلمية